كاتنيس رمز للثورة رغم أنفها.. Mockingjay



Mockingjay، الفيلم الثالث المقتبس عن ثلاثية (سوزان كولنز) الرائعة Hunger games، ويتناول نصف أحداث الجزء الثالث من الروايات والبقية ستقدم في جزء ثان لما تزخر به هذه الرواية من تفاصيل ومناقشة للعديد من الأفكار والمفاهيم هي الأعمق على مدى السلسلة، وكذلك استغلالًا لشهرتها الكبيرة في صنع أربعة أفلام بدلًا من ثلاثة، وهي عادة هوليوودية جديدة، جعلت القائمين على فيلم (الهوبيت) يصنعون من رواية واحدة ثلاثة أفلام يتنظر الجمهور ثالثهم بعد أيام .
يتناول هذا الجزء الأحداث بعد تحطيم (كاتنيس) لحلبة مباريات الجوع رقم 75 بسهمها في منتصف حقل الطاقة، واختطافها على يد الثوار وتركهم بيتا خلفهم لتصبح هي رمزًا للثورة رغم أنفها.
حتمية أن تكون كاتنيس رمز الثورة 
2
الحسابات التي أجرتها قيادات الثورة كانت صحيحة إلى حد الكبير؛ لأنها توصلت إلى نفس ما توصل إليه الرئيس سنو في نهاية الجزء الأول، حين تأكد أن (كاتنيس) خطر على الكابيتول والنظام القائم بأكمله لما أصبحت تمثله لشعب بانام.
كانت البداية عندما تطوعت لمباريات الجوع رقم 74 بدلًا من أختها برايم روز، وهو ما أكسبها تعاطف الجمهور، وخلال المباريات اكتسبت محبة جمهور مقاطعة الصغيرة (رو) عندما انضمت  لها في حلف يعلم الجميع أنه خاسر، وعندما ماتت الطفلة بين يديها وغنت أغنية مقاطعتها ودفنتها تكريمًا لها في بادرة لم تحدث من قبل في أي مباراة جوع.
كذلك قصة الحب المفتعلة بينها وبين بيتا مالارك زميلها من المقاطعة رقم (12)، جعلت كل الأنظار تتجه إليها، حتى أن صانعي الألعاب غيروا  القوانين بحيث يصبح هناك إمكانية لفوز الثنائي المفضل للجماهيرمعًا، وتنتهي المباراة بفوز الاثنين بالفعل، لكن تتراجع الإدارة وتقرر وجوب أن يقتل أحدهما الآخر حتى تنتهي المباراة وهو ما تمردت عليه (كاتنيس) وهددت بالانتحار مع بيتا بدلًا من أن تقتله أو يقتلها، ما جعل (كراين) صانع الألعاب يتخذ قرارًا بإنهاء المباريات وفوز اللاعبين.
اعتبر الشعب المقهور هذه البادرة من (كاتنيس) إمكانية للتمرد والانتصار على الكابيتول، ما صنع منها تهديدًا على الرئيس (سنو) ووضع حجر الزواية في شخصية البطلة ورمز الثورة.
تحطيم الأسطورة أم ترسيخها
3
أصبحت كاتنيس بطلة للمباريات، ذات شعبية جارفة ما أقلق الرئيس (سنو) أكثر وقرر أن ينهي هذه الأسطورة أيًا كانت الوسيلة، فتحايل على القوانين لتكون مباريات الجوع رقم (75) بين المنتصرين من المقاطعات المختلفة للسنوات السابقة أي في كل الأحوال ستشارك (كاتنيس) مرة أخرى في المباريات ليضمن هذه المرة الخلاص منها للأبد.
لكن، تأتي الرياح بما لا تشتهي سفن الطاغية وتنجو (كاتنيس) من كل الأفخاخ وتقلب الأمور رأسًا على عقب بتدمير حلبة المباراة وهربها أو خطفها في حقيقة الأمر على يد الثوار.
الضحية والجلاد
4
نتعرف على( كاتنيس) أخرى في هذا الجزء، فتاة مرتاعة دومًا، تصاب بالكوابيس كل ليلة حول (بيتا)، لاتستطيع التأقلم مع واقعها الجديد.
انتقلت بعد انتشالها من أرض المباراة إلى المقاطعة رقم 13، التى يعتقد الجميع بما فيهم الكابيتول أنها غير موجودة بعد قصفها منذ 75 عامًا لإنهاء الثورة، وهو المصير الذي تعرضت له المقاطعة 12 بعد فرار (كاتنيس) كعقاب لها.
إن كنت تميل إلى تقسيم العالم إلى أشرار وأخيار، فالمقاطعة رقم 13 تصلح بالطبع للدخول في قائمة الأخيار، فهي مركز الثوار المحاربين للكابيتول وديكتاتورها، ويحاولون رفع الظلم عن باقي المقاطعات التي يعمل أهلها ويذهب خيرهم إلى العاصمة.
ولكن، للأسف الحياة لايمكن التعامل معها بهذا المنطق فمركبات الخير والشر تتواجد بداخل كل إنسان بنسب متفاوتة، وهذا مايبرر عدم قدرة (كاتنيس) على الاطمئنان للثوار وزعيمتهم (كوين)، ورفضها لكونهم كامنين لهذه المدة الطويلة تاركين باقي المقاطعات تتعذب على يد الكابيتول ولديهم الكثير من الأسلحة في انتظار اللحظة المناسبة.
كان لديها الشعور أن المقاطعة 13 وقائدتها (كوين) شكل أخر للكابيتول برئيسها (سنو)، وأن الضحية ما أن تثور ستتحول إلى جلاد جديد، ولكن نترك معرفة ذلك حتى الجزء الثاني من الفيلم.
الإعلام سلاح ذو حدين
5
منذ الثورة المصرية تعلمت أن الصورة الواحدة قد يتم استخدامها لتعبر عن أكثر من موقف سياسي حسب طريقة عرضها والجهة كذلك التي تعرضها، ونجد هذا أيضًا يحدث مع (كاتنيس).
فالقائمون على الثورة يريدون استخدامها كوجه إعلامي لهم، بصفتها الفتاة التي نجت من بطش الكابيتول المرة تلو الأخرى، في حين أن نفس الأشياء التي يريدون إظهارها على أنها الخير يظهرها الكابيتول على أنها الشر المستطير الذي سيجلب الخراب للدولة بأكملها.
ويستخدم الكابيتول (بيتا) في إصدار بيانات ضد الثورة، ينصح خلالها حبيبته بالبعد عن الثوار وأنهم يضللونها، يحاولون إظهار (كاتنيس) في صورة الفتاة الغرة التي تم غسل دماغها وملئه بالأفكار الخاطئة وبالتالي لا تصلح أن تكون مثالًا للشعب.
ترددت (كاتنيس) طويلًا في اتخاذ هذا القرار، لتعقد في النهاية صفقة مقتضاها، أن يحصل (بيتا) وباقي المتبارين السجناء لدى الكابيتول على العفو من الثوار مقابل أن تكون الوجه الإعلامى للثورة.
وبالفعل، قامت بالدور المنوط بها على أكمل وجه، ويجب هنا التفرقة ما بين إيمانها بقضية الثوار وإيمانها بالأسلوب والطريقة والقيادة الثورية لها، فالقضية لايختلف عليها اثنان لكن كما قلت من قبل الضحية والجلاد من الممكن أن يتبادلا الأدوار بسهولة.
أروع المشاهد
6
الفيلم رغم تصوير الكثير من مشاهده في أماكن مغلقة على العكس من الجزء الأول والثاني إلا أن به مجموعة من المشاهد الرائعة، وأخص منهم بالذكر مشهد دخول كاتنيس المشفى الميداني في المقاطعة الثامنة ونظرات المرضى لها وإيمانهم المطلق بها وبقضيتهم رغم كل ماعانوه، وينتهي المشهد بقصفهم دون رحمة ليتم القضاء عليهم جميعًا وتصدر كاتنيس بيانها الإعلامي الأول يظهر خلاله غضبها على الكابيتول وحزنها على المتوفين.
ومن أجمل المشاهد، مشهد الجماهير وهي تهاجم السد لتهدمه، الشجاعة في مواجهة الأسلحة، والذي يُقتل يظهر غيره في الحال ويحمل المتفجرات بدلًا منه، الكل يعمل لهدف واحد.. وصول الصناديق إلى داخل مبنى السد لإتمام العملية، لا يبالون بالحياة أو الموت، فالهدف النهائي أسمى من أي شيء آخر.
وساعد في ظهور أغلب مشاهد الفيلم بصورة ممتازة، التركيز على القدرات التمثيلية للممثلين أكثر من الأجزاء السابقة، وتألقت بالطبع النجمة (جوليان مور) في دور الرئيسة (كوين) وهو دور مختلف عن أغلب أدوارها السابقة، بينما كان أداء (جينفير لورانس) في دور (كاتنيس) أفضل من المعتاد قليلًا.
الجزء الثالث VS. الأجزاء السابقة 
العديد من محبي سلسلة hunger games  لم يعجبهم في الحقيقة هذا الجزء؛ لخلو الفيلم من مشاهد الأكشن المثيرة وتميز الجزئين السابقين بالمباريات الحافلة بالترقب والخيال الواسع، ولكن طبيعة هذا الجزء من الرواية مختلفة عن طبيعية الجزئين السابقين مما انعكس على الفيلم.
فالجزئان الأولان كانا يستعرضان المجتمع في دولة بانام، فكرة مباريات الجوع، منشئها، واشتراك أبطال الرواية في المباراة رقم 74 ورقم 75، ولكن الجزء الثالث يركز على الثورة نفسها على طغيان الكابيتول، المشاعر المتباينة التي تشعر بها (كاتنيس) تجاه قيادة الثورة، ومشاعرها نحو غايل وبيتا التي تتأرجح بين محبة كل منهم لتستطيع في النهاية التعرف على نفسها أفضل واختيار الشخص الأمثل لها.
وإذا اعتبرنا هذا الجزء تمهيدًا للجزء الثاني من فيلم Mockingjay، لتفهمنا لماذا كانت الأحداث بطيئة عن المعتاد في باقي السلسلة وتوقعنا جزءًا أخيرًا من السلسلة عالي الإثارة يجيب عن كل الأسئلة.
للمقال الأصلي: اضغط هنا 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق