عن العنصرية النسائية أتحدث


نعم العنصرية التي تتعرض لها السيدات في مجتمعنا ليست من الرجال فقط كما يتوقع البعض، بل هناك نوع أعتبره أقسى، وهو عنصرية النساء على النساء، سأستعرض معكن بعض المواقف التي شاهدتها بنفسي.

موقف 1:
على إحدى صحفات الفيسبوك الخاصة بالمشاكل الاجتماعية إحدى السيدات تعرض مشكلتها مع زوجها الذي يرفض أن تحضر سيدة تساعدها في الأعمال المنزلية، رغم قدرته المادية وكونها في أشهر حملها الأخيرة، بعيدًا عن المشكلة وحق السيدة وحق زوجها، نجد أن العديد من الفتيات والسيدات قمن بالرد على صاحبة المشكلة بقسوة واعتبرنها كسولة، غير محبة للنظافة بشكل عام، زوجة سيئة، مدللة، وغيرها من الأحكام الأخرى.

موقف 2:
أضع على صفحتي الشخصية على الفيسبوك بوست عن التحرش، فأجد إحدى الصديقات ترد قائله "إذا السيدات ارتدين ملابس مناسبة لن يتحرش بهن أحد"، أي أن التحرش والاغتصاب الذي يقع للعجائز والأطفال غير موجود من الأساس، فقط هذا يحدث للفتيات غير المحتشمات.

موقف 3:
في إحدى الجلسات العائلية غير اللطيفة منذ فترة تسألني أم أخرى ماذا أطعم ابنتي التي تبلغ من العمر أربعة أشهر، أخبرها أني لم أطعمها بعد طبقًا للنظريات الحديثة ونصائح طبيبتها، نظرات استنكار من كل الموجودات كأنني امرأة قاسية أحرم رضيعتي من الطعام، وتكرر هذا الموقف مرة أخرى لكن هذه المرة عندما أصبح عمرها عام ونصف ولا تزال ترتدي الحفاضات، فابن قريبتي الفلانية لم يعد يرتدي الحفاضات تمامًا وهو أصغر منها، إذن أنا أم قاسية وكذلك أم مهملة كسولة.

وغيرها وغيرها من المواقف، تحكم بها النساء على بعضهن بعض، مع هجوم عنيف وغير مبرر قد يفوق هجوم الرجال، فعلاً هذه التصرفات تؤلمني أكثر من تصرفات الرجال العنصرية.
فكيف أنثى تعاني مثلما أعاني بالضبط تحكم عليّ؟ هل لا تشعر بما أشعر؟ هل أنا مخطئة؟ هل المجتمع كله ينظر إليّ مثلها؟
كلها أسئلة تروادنا عندما نتعرض لهذه المواقف، تقلل من ثقتنا في أنفسنا، تشعرنا بالوحدة في عالم قاسٍ نتحمل فيه العديد من المسؤوليات في آن واحد، فكل منا مطالبة بأن تكون زوجة مثالية جميلة رشيقة مثلما كانت قبل الزواج.. طاهية أبرع من مارثا ستيورات، أم حنون لأطفال في صحة جيدة على الدوام، بيتها نظيف ومنظم، وإن كانت عاملة، فالمطلوب منها بالإضافة لكل ما سبق أن تنجح وتثبت لمديرها أن كونها امرأة متزوجة لا يؤثر على كفاءتها تمامًا.

وعندما تقول تعبت، أرهقت، مللت، يكون الرد دومًا: لماذا؟ كل السيدات يفعلن مثلك، فلانة قريبتي لديها عشرة أولاد وتعمل رائدة فضاء في الصباح وفي المساء تجلس في منزلها وهي تشبه نجمات السينما!

عندما حللت الموقف المُعادي الذي تشعر به النساء تجاه بعضهن بعض، وجدت أن من فرط العنصرية التي نعيشها، أصبحت النساء في حاجة إلى تفريغ هذه الطاقة السلبية، وبالطبع كل شخص يبحث عن شخص أضعف منه ليضغط عليه ويقهره، لذلك المتنفس لديهن الذي يفرغن فيه مشاعرهن هو نساء أخريات.

لا تعتقدي أن من تحكم عليكِ بأنك كسولة أو أم سيئة أو زوجة مهملة أفضل منك في أي من هذه الأشياء، من الممكن أنها تعاني مثلك ولديها من يضغط عليها مثلما تفعل معك، لكن بدلاً من أن تتعامل مع من يؤذيها تقوم هي بنقل هذا الأذى للآخرين، فهذا أسهل بكثير.

فالأم/ الزوجة/ الحبيبة/ الطاهية/ الموظفة، لديها العديد من المهمات والأعباء، وليس من المفترض منها أن تقوم بكل منها على أكمل وجه أربعة وعشرين ساعة لمدة سبعة أيام في الأسبوع.

وفعليًا إن لم ترغب في القيام بإحدى هذه الوظائف لمجرد حتى أنها ليست في المزاج الملائم لذلك، فليس من حق أحد أن يلومها، ففي النهاية نحن بشر، نبحث عن سعادتنا مثلما يفعل غيرنا، ولسنا مجرد واهبات للسعادة والراحة للآخرين.
المقال الاصلي: عن العنصرية النسائية أتحدث

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق