هل أنتِ ملكة.. مثلها؟


انظري إلى الصورة بالأعلى.
هل نظرتِ؟ إذا سمحتِ انسي أنها صورة الملكة رانيا مع الملك عبد الله لبعض الوقت، وانظري إليها مرة أخرى على أنها صورة امرأة وزوجها في لقاء عام، وارجعي لنتكلم معًا لبعض الوقت عنها.

حين رأيت الصورة لأول مرة انبهرت، ليس بملابسها الأنيقة ولا بمظهرها الذي تبدو فيه كفتاة في أواخر العشرين، رغم أن لها من الأولاد مراهق غير ثلاثة آخرين، ولكني انبهرت بعدة أشياء أخرى.
أول ما لفت انتباهي النظرة، نظرة زوجها إليها، تجمع ما بين إعجاب وتقدير وسعادة، هو بالفعل النظر إليها يُسعده، والذي تقوله يُعجبه، ويقدرها باعتبارها زوجته وباعتبارها امرأة تستحق التقدير على العموم.

نأتي إليها، هل لاحظتِ يديها؟ يد على ظهر زوجها في حركة حميمة تدل على عمق العلاقة بينهما، أما عن يدها الأخرى فموضوعة على ساقها منقبضة في حركة ثقة بالنفس وتعزيز لما تقوله.
بالطبع كل من ترى الصورة سوف يعجبها أشياء أخرى، لكن هذا ما رأيته من وجهة نظري المتواضعة.

لنترك الصورة ونتناقش معًا فيما رأيناه.
هل كل أسباب إعجابي بالصورة كانت ترجع إلى أنها ملكة؟ في الحقيقة نعم ولا.
أعجبتني لأنها ملكة ولكن تستطيع التعبير عن مشاعرها بحرية أمام الناس، لا تضع قيودًا على نفسها وتشعر أن حبها لزوجها ليس شيئًا يستحق الإخفاء، بل هو شيء طبيعي تفعله دون تفكير.
وأعجبني زوجها الملك الذي لا يقيد زوجته بتقاليد وأعراف وبروتوكلات ويخنق روحها.

وبعيدًا عن الملكية نرى امرأة واثقة من رأيها وتجاهر به وتناقشه بحرية في وجود زوجها، بعيدًا عن التقاليد العربية البالية التي تفرض على الزوجة أن لا تتكلم في وجوده، وأن يكون النقاش مع باقي الرجال بحساب.
وأي امرأة أخرى كانت تجلس في هذا الوضع بدلاً من النظرة المفعمة بالتقدير والاحترام سنرى نظرة أخرى فيها تحذير وردع.

ويحضرني في هذا الموضوع ذكرى بعيدة، في مثل تلك الأيام كان برنامج "من سيربح المليون" في ذروة شهرته، وكانت العائلات تتجمع حوله أسبوعيًا، وفي جلسة عائلية تتكون من أبي وأمي وجدي وأنا وآخرين لا أتذكرهم، كان السؤال عن السنة التي حكم فيها القذافي، كان أبي وجدي لا يتذكران التاريخ بالضبط، وحاولا الحساب عن طريق الأحداث لكن أنا كنت أتذكر التاريخ لأني كنت قرأته من فترة قريبة، فأصريت على رأيي وأن التاريخ الذي قالوه خطأ واتضح أن معلومتي هي الصحيحة.

كان رد الفعل الذي أتوقعه الإشادة بصحة معلوماتي، ولكن الذي الحدث العكس من أبي الذي عنفني لأني أحرجته أمام الآخرين بتصحيحي معلوماته، الانطباع الذي أخذته من يومها أن سكوت المرأة مطلب أساسي منها، كما يُطلب منها أن تجلس مضمومة الساقين خفيضة الصوت وباقي قواعد البنات التي نتلقاها منذ أن ندخل فترة المراهقة لسنوات بعد ذلك، حتى تعلمت التمرد وأتقنته كنت أحتفظ بمعلوماتي لنفسي، حتى لو كان من أمامي يقول معلومات خاطئة، في رد فعل غريزي اتقاء لتعنيف لا أعلم ولا أفهم ولا أستوعب سببه ولا الغرض منه.

وغير هذا الموقف رأيت الكثير، مثل الزوج الذي لا يذكر اسم الزوجة، بل يقول الحاجة أو البيت أو المدام، رغم أن اسمها هذا قد يكون معلقًا على لافته في عمارة إن كانت تعمل طبيبة مثلاً، أو منشورًا في جريدة لو كانت صحفية أو كاتبة، هي كذلك بعيدًا عنه، لكن في حضرته هي لا تزيد عن الزوجة أو البيت، ويرى أن إخبار الآخرين باسمها انتقاص من رجولته.

لذلك في هذه الصورة لم أهتم بكونها ملكة قدر ما اهتممت بأنها امرأة سعيدة واثقة، وتمنيت أن تكون كل امرأة مثلها، سواء ملكة أم لا.
للمقال الاصلي : هل أنتِ ملكة.. مثلها؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق