هذا مجتمع يكره الصالحيـن .. وهذه مدينة تصنع الخاطئيـن !

شاهدت منذ أيام فيلم The quick and the dead وهو من طراز أفلام الغرب الأمريكى، حيث يرتدى الرجال القبعات ويبارزون بعضهم البعض طوال الوقت سواء للحصول على المال او عند الغضب أو حتى على سبيل التسلية ..
لست هنا بصدد الحديث عن الفيلم.. فهو لم يعجبنى لهذه الدرجة، لكن هناك علاقة فى الفيلم أثارت تفكيرى لبعض الوقت وهى علاقة عمدة المدينة جين هاكمان والقس راسل كرو.
نرى منذ البداية ان العمدة المعروف بجبروته وشره والذى كان فى وقت سابق قاطع طرق مشهور يحاول أن يجبر القس على الدخول فى مسابقة المبارزة التى تقيمها المدينة ، ويرفض القس رغم إنه يخيره بين الحياة وبين الجريمة لكن بلعبة درامية يدخل القس فى المبارزة.
The Beach.. هل يمكن الإستمتاع بنعيم الجنة على الأرض ؟!
ما أثار إهتمامى لماذا يصر العمدة على إدخال القس فى لعبة المبارزة رغم أن المدينة لاتخلو من المبارزين وليست بحاجة لشخص أخر؟
ثم أكتشفت ان القس كان شريك العمدة فى جرائمه السابقة لكن قرر التوقف وتحويل مسار حياته للأفضل وبالطبع هذا لم يعجب العمدة فى أن يفقد إحدى رجاله لصالح الخير.
هذا الذى حدث فى الفيلم يحدث يومياً بصور مختلفة فى أغلب المجتمعات
فلننظر لحال الطالب الوحيد الذى لايغش فى الأمتحانات ماهى نظرة الطلبة من حوله؟ كم واحد منهم سيحاول أن يغريه للغش ؟ وإذا رفض ماذا سوف يحدث له ؟ ألن يتحرشوا به أو على الأقل يصنعوا منه دعابة يتندروا بها؟
الموظف الذى لايأخذ الرشوة وسط المرتشين يصبح منبوذ بينهم يسيئون معاملته؟ وقد يحاولوا ان ينقلوه إلى إدارة أخرى ؟

لماذا يحدث هذا؟

The Quick and the Dead (1995)
أعتقد أنه رد فعل طبيعى فمن يخطأ يحب أن يعتقد أن جميع البشر خطائين مثله ،ولا يستطيع أن يتقبل أن هناك شخص لايقبل أن يفعل مثله أو يفوقه فى الأخلاق أو لديه مبدأ لايحيد عنه.
وإن فقد الأمل فى إفساد صاحب هذا المبدأ سوف يكون هاجسه الأكبر أن يجد زله له ،زله تثبت أن ذلك الشخص ليس أفضل منه ، فهو صاحب مبدأ فى عمله لكن ليس سعيد فى زواجه أو أبنه فاشل فى الدراسة أو أى شئ أخر يساعده حين يتذكره على أن ينسى أنه قد يكون أفضل منه ..
بالطبع فكرة أن يحسن من نفسه حتى يصبح مثله ليست واردة من الأساس ، فالمبادئ و المثل و مثل هذه الأشياء خُلقت للسذج و الأبرياء الذين لايستطيعون التعامل مع حقائق الحياة.

مجتمع يكره الصالحيـن

على صعيد أخر نجد أن المجتمع قد يظلم الكثير من الصالحين بسبب تعوده على الفساد ، فنجد الطبيب الذى لا يقدم خدماته بمقابل مادى مرتفع يتم الحكم عليه بأنه فاشل ولا تجد المرضى يتزاحمون أمام عيادته كمان يحدث للأطباء الأخرين الذين يتقاضون أضعاف مايستحقون.
و المدرس الذى لايعطى دروس خصوصية لا يتم الوثوق فيه فى الفصل فمعنى أنه لايعطى دروس خصوصية أنه ايضاً فاشل فى عمله.
فكرة أن هذا طبيب يراعى ضميره و قسمه ويحاول أن يخدم الجميع أو أن هذا مدرس لا يرغب فى أخذ شئ ليس من حقه قد لا تخطر فى بالهم تماما.

لماذا و كيف و الحل؟

الفكرة هى لماذا حدث هذا التشوه فى المجتمع وفى تفكير الناس؟ وكيف حدث؟
كيف أصبح الفارق بين الأبيض و الأسود فجأة منعدم أو لماذا أكتست كل الوجوه باللون الرمادى الكئبيب ، وماهو هو السبب؟
هل هى الحاجة المادية و الضغوط التى يتعرض لها الإنسان فى سبيل الحياة ؟ أم أن تعود الخطأ فرض نفسه حتى زالت الفروق ين الصح و الخطأ؟
كل هذه الأسئله تخطر على بالى و أكثر ، أنا لست ساذجة لأعتقد أن فى يوم من الأيام سوف يصبح العالم يوتوبيا أرضية وتزول الأخطاء ويتوقف الناس عن إرتكاب الذنوب أو أعتقد إنى أنا نفسى خالية من العيوب.
لكن ما أتمناه أن ترجع الفروق بين الحق و الباطل والخطأ الصح، حتى نستطيع أن نحمى أولادنا من المجتمع الذى يدفعهم لأن يتحولوا إلى حطاه أخرين دون أن يشعروا.
للمقال الاصلي: اضغط هنا 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق