خنازير .. وجيلاتين .. وشائعات أخرى !



فى الفترة الأخيرة انتشر على موقع اليوتيوب  ومواقع التواصل الأجتماعى الأخرى فيديو يتكلم فيه صاحبه عن الجيلاتين وهى المادة التى تدخل فى العديد من الصناعات الغذائية والدوائية ، وصاحب الفيديو يؤكد أن مادة الجيلاتين التى تصنع من عظام الحيوانات وجلودها تصنع بالذات من الخنازير!
ويستعرض العديد من المنتجات كحلوى الأطفال و الجيلى و كبسولات الدواء مع التأكيد أن كلها يدخل فى صناعتها مادة الجيلاتين المصنعة أساساً من الخنازير ..
بالطبع هذا الفيديو يحقق نسبة مشاهدات عالية جدا، وأنتشر مثل النار فى الهشيم ، ومن الطبيعى أيضاً أن تُؤخذ المعلومات من هذا الفيديو كحقائق مسلم بها من قبل العديد، دون بحث أو فحص أو تفنيد.
رغم أن أبسط بحث على شبكة الأنترنت سوف يؤكد أن هناك جيلاتين يصنع من الأبقار و من الأسماك، بل هناك جيلاتين نباتى أيضاَ، فمن أين أتى يقين صاحب الفيديو أن الجيلاتين فى المنتجات التى عرضها كلها مصنعة من الخنازير؟
هذا الفيديو ليس الأول ولا الأخير فى سلسلة طويلة من الشائعات التى تظهر من يوم لآخر تتناول أحيانا مواد غذائية وأحيانا شخصيات مهمة ومعلومات كاذبة عن وفاتها أو زواجها أو عمل جديد لها.
السبب فى أنتشار مثل هذه الشائعات فى مجتمعنا بشدة وتصديقها عدة عوامل..

أولا: عدم البحث والتدقيق

من المتوقع أن عدد كبير من المشاهدين سوف يأخذون المعلومات كما هى دون تفكير أو بحث بل سوف يقومون بنشرها على الأخرين دون التأكد من حقيقتها.
فثقافة التدقيق والبحث على أسس علمية صحيحة غير متوافرة للأسف فى نسبة كبيرة من المتعاملين مع وسائل التواصل الاجتماعى فى وقتنا الحالى على الرغم من أن الآيه الكريمة أوضحت من قبل مايزيد عن 1400 عام.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ 6 (سورة الحجرات)
إذا فالبحث قبل النشر والتداول ليس هنا رفاهية لكن هو أمر ألهى واضح وصريح.

ثانيا: سهولة تصديق الاسوأ

بمعنى أن نظرية المؤامرة جذابة جداً، فكون الشركات الغذائية كلها تتأمر على المستهلك وتجعله يستخدم منتج مصنوع من مواد محرمة سهل التصديق للمواطن الذى يشعر طوال الوقت أنه مظلوم ومخدوع وفريسة لكل الأطراف.
دون أن يتسائل عن الغرض من هذا الأستخدام حتى ، فكل شركة تتصرف على أسس مادية بحته، فقبل تصديق مثل هذا النبأ يجب أن نعرف ماذا سوف تجنى الشركة بأضافة هذه المادة أو تلك؟
فلو قامت شركة ما بأضافة الجيلاتين المصنع من الخنزير مثلا على منتجاتها ثم عرف المستهلك هذا أو تم تسريب مثل هذه المعلومة فمن الخاسر؟
بالتأكيد هذه الشركة التى ستخسر قطاع كبير من المستهلكين فى الوطن العربى هى  الخاسر الأكبر، لذلك نجد عبارة هذا المنتج حلال على نسبة كبيرة من المنتجات درءاً للشبهات.

ثالثا: الأخبار السيئة أكثر جاذبية

كالعادة أى خبر سئ أو مسئ لجهة ما هو أكثر جاذبية و أقرب للتصديق عن خبر يمدح فى ذات الجهة.
فخبر مثلاً أن دواء قاتل أو يسمم سوف ينتشر على الأنترنت فى ظرف ساعات فى حين لو نشرت خبر عن دواء مفيد أو ليس له تأثيرات جانبية فقد لايعلم به أحد سوى ناشريه.

رابعاً: الألعاب التجارية

يدخل المواطن العادى فى حلقة واسعة من الألعاب التجارية ، فالعديد من الشركات هى من تسرب مثل هذه الشائعات على منتجات الشركات المنافسة.
فهذا الشامبو يصيب بالسرطان مثلا ً، وبالتالى أنخفاض شديد فى مبيعات المنتج ومكسب للمنافس.
وهذا النوع من المكرونه به مواد تقتل خلايا المخ، فى ادعاء لا يصدقه عقل ، لكن يلاقى المشجعين الذى لا يوجد لديهم أسهل من الأشارة إلى أيقونة مشاركة ونشر الخبر الكاذب بين أصدقائهم الذين يفعلون المثل أيضاً.
والأسوء أن هناك أجيال تستقى معلوماتها كاملة من وسائل التواصل الاجتماعى المختلفة ، وبالتالى استمرار انتشار المعلومات بهذه الطريقة وضياع الحق بين أطنان الباطل سوف يؤدى إلى أن يبقى المجتمع محاصراً دوماً بالأوهام وتضيع الحقائق بين الأكاذيب والشائعات.
للمقال الاصلي: اضغط هنا 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق