نيكولاس سباركس.. الكاتب الذي حوّل الآمه إلى فن راقي !

لكتابة هي فن تحويل الأفكار إلى كلمات تصل إلى قلوب عقول القراء، ولكن في بعض الأحيان تصبح كذلك متنفس للكاتب، يعبر بها عن الآمه، سواء في خاطرة، أو بيت شعر، وبالطبع فن الرواية لم يخلو من ذلك، ونتكلم اليوم عن كاتب امريكي.
على الرغم من النجاح الباهر الذي عاشه، ورواياته التي تحقق أعلى المبيعات، ويتم تحويلها إلى أفلام تتصدر البوكس اوفيس، إلا إنه عانى في حياته من الكثير من الآلام، ولكن لم يدعها تقيد قدراته الإبداعية، بل الهمته أعمال أدبية مست قلوب كل من تعامل معها.
 ونتناول اليوم ثلاثة من رواياته أبطالها الحقيقيون افراد عائلته الذين عانوا وعانى معهم من الكثير من المصائب.

رسالة في زجاجة

Message_in_a_Bottle_Cover
من لم يقرأ الرواية فعلى الأقل شاهد الفيلم او تعرف على احداثه عن طريق الصدفة، وكملخص سريع، هي تدور حول صحفية شابة تجد رسالة على الشاطئ تغير حياتها بالكامل.
رسالة في زجاجة يوجهها رجل لزوجته الراحلة، ويتحدث حول مشاعر الحب التي جمعتهما وشعوره بالفقد والحزن بعد وفاتها، ومست الكلمات قلبها، وهي التي تعلمت تقدير الكلمات من خلال عملها، لذلك تنشرها، ثم تتوالى رسائل القراء المتعاطفة مع كاتبها، ويصلها كذلك رسالة أخرى من نفس الكاتب، وجدتها سيدة في مدينة أخرى، وتبدأ رحل البحث وتتبع الخطوط المتناثرة، حتى تصل في النهاية لكاتب الرسالة، بل تقع في حبه وتعيش قصة رومانسية خاصة بها.
الرواية الخط الرومانسي بها واضح ويجذب العديد من القراء والقارئات على الأخص، ولكن ما لا يعلمونه أن براعة نيكولاس في تصوير حب الزوج الثاكل لزوجته كان لعيشه تجربة مماثلة، وكان البطل فيها والده، الذي فقد زوجته وهي في الأربعين من عمرها، في حادثة مفاجئة حيث وقعت من فوق ظهر فرسها، على الرغم من براعتها في امتطاء الجياد، ليقرر ارتداء السواد عليها طوال حياته، ويبدأ في الانزواء في منزله والانقطاع عن أقاربه، وتغيرت شخصيته إلى حد كبير.
فعبر الكاتب الموهوب عن المه اتجاه فقد والدته، ومعاناة والده، من خلال رواية رائعة قد يخلدها التاريخ او يعتبرها أحد أروع الروايات الرومانسية على الأقل.
صفحة الرواية على موقع goodreads

نزهة للذكرى

3473
تدور احداث هذه الرواية والتي تم تحويلها لفيلم سينمائي ايضاً، عن فتاة مراهقة منزوية، والدها قسيس، ومهتمة بالأنشطة الاجتماعية ومساعدة الفقراء واليتامى، لا تهتم بجمالها ولا يلاحظها الاخرون، ولكن طرقها تتقاطع مع زميلها في الصف الأخير في المدرسة الثانوية، وهو فتى وسيم ومن مشاهير المدرسة.
تبدأ العلاقة بصداقة بينهما خصوصاً وان علاقة الزمالة تجمعهما منذ سنوات طويلة، ولكن تبدأ الصداقة تتحول لحب، وحين يسألها في يوم من الأيام ما هو هدفها الأهم، كان ان تتزوج في الكنسية ويحضر زفافها عدد كبير من المدعوين، بالطبع استغرب هذه الإجابة، ففي المجتمعات الغربية ليس من المعتاد ان تفكر فتاة في السابعة عشر من عمرها في الزواج، خصوصاً وهي متفوقة دراسيا ومتوقع ان تدخل أفضل الجامعات، واندهش أكثر من عدم اهتمامها بتقديم اوراقها للجامعة.
وعندما اعترف لها بحبه، صارحته بانها مريضة بسرطان الدم، وتحتضر بالفعل، لتتغير شخصية لاندون 180 درجة، ويبدأ في الصلاة لتحدث معجزة وتشفيها، بل يتقدم لزواجها، ويحقق امنيتها الوحيدة، وتنتهي الرواية التي يسردها لاندون بعد أربعين عاماً من هذه الاحداث دون ان يعرف القارئ هل تحققت المعجزة ام لا.
قد يظن البعض ان هذه قصة مبالغة في الخيال، ولكنها بالفعل قصة حياة اخت الكاتب نيكولاس سباركس، التي سألها اخوتها وهي صغيرة عن اهم اهدافك في الحياة فكان ان اتزوج ويصبح لدي أطفال، وقد يظن البعض إنه هدف تافه، ولكن في الحقيقة تحقيق هذه الامنية كان شديد الصعوبة بالنسبة لها، فقد أصيبت بسرطان في المخ وهي في شرخ شبابها.
عاشت اخته مأساة المرض، ما بين العلاج المرهق والعمليات الجراحية، ولكنها على عكس المتوقع من حالتها، حملت بطفلين تؤام، واستطاعت ان تلدهما في فترة كمون للمرض، بل كذلك تزوجت من حبيبها، ولكن الأمل الذي أعطاه نيكولاس للقارئ في نهاية رواية نزهة للذكرى انتُزع منه بوفاة اخته الشابة بعد تدهور حالتها المرضية.
صفحة الرواية على موقع goodreads

الإنقاذ

81kGF-UhjhL
اما روايته الاخيرة التي نتناولها اليوم هي الإنقاذ، وتدور احداثها حول الام الشابة دينيس، التي تعود إلى البلدة التي تسكنها ولكن تفاجئها عاصفة، وفي النهاية تصاب في حادث لسيارتها وتفقد الوعي لتستيقظ ولا تجد ابنها ذو الأربع سنوات كايل حولها، وعندما تأتي فرق الإنقاذ يبدأ البحث عن الصغير.
لكن المشكلة التي يواجها الجميع هو ان الطفل لديه تأخر في الكلام، ولا يستطيع الاستيعاب بسهولة، لذلك إن ناداه أحد فمن المرجح الا يستطيع الرد، ولكن بعد ليلة طويلة يستطيع رجل الإطفاء تايلور ماكدين ان يجد الصغير ويعيده لأمه.
ومع الوقت يحدث تقارب بين الام وتايلور، وتبدأ قصة خيوط قصة رومانسية تجمع ما بينهم، ويتعرف كذلك على الطفل كايل، الذي احتار الأطباء في تشخصيته، ما بين التوحد او مشاكل في السمع او في النطق، فما كان أمام والدته إلا ترك عملها الأساسي والتفرغ له يومياً لتعليمه الكلمات والتواصل بطريقة ابتكرتها بنفسها بعد قراتها العديد من الكتب والأبحاث حول الامراض المختلفة التي قد تصيب الأطفال ولها نفس الاعراض، وفي امسياتها تعمل نادلة في مطعم محلي حتى تستطيع ان تعيل نفسها وابنها.
بعيداً عن القصة الرومانسية، التي قد تعجب القارئ او لا تعجبه، فإن تصوير مشاعر الام وألمها ومحاولتها لتعليم طفلها حتى يستطيع التعامل مع المجتمع الذي لا يتقبل أي اختلاف كانت موجعة للقلب بالفعل، بالإضافة إلى ان تجربة الام مع كايل، هي ذات تجربة الكاتب مع طفلة راين، الذي احتار الأطباء في تشخيص حالته..
وبعد الذهاب إلى العديد من الأطباء ، لذلك تفرغ نيكولاس وترك عمله الذي كان لازال يلتزم به كمندوب لشركات الادوية، وقرر ان يعمل مع طفلة يومياً حتى يستطيع ان الكلام، والتواصل، وقد اعتبر ان نجاحة في عالم الكتابة، ما هو غير وسيلة أعطاها له الله حتى يستطيع ان يعيل عائلته خلال رحلة تعلم ابنه.
صفحة الرواية على موقع goodreads
قد يعجبك او لا يعجبك ادب نيكولاس اسباركس، وافلامه، ولكن في النهاية لا يمكن اغفال إنه من العباقرة الذين استطاعوا تحويل الآمهم الخاصة إلى قطع من الفن الراقي اثرت في الجمهور الذي قرأها او شاهدها.

لينك المقال الاصلي: اضغط هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق