مخرجون مصريون فكوا شفرة مهرجان “كان”

ينتظر عشاق السينما شهر مايو بفارغ الصبر، فهو الموعد السنوي لمهرجان “كان” السينمائي، واحد من أهم المهرجانات السينمائية في العالم، والذي ترجع بدايته لعام 1946 ويقام في جنوب فرنسا، وتوزع خلاله عدة جوائز أهمها السعفة الذهبية لأفضل فيلم.
ولا يستطيع أحد إنكار أن هناك كيمياء بين مهرجان “كان” والسينما المصرية على عكس الكثير من المهرجانات الأخرى؛ حيث تركت السينما المصرية بصمة مميزة في عالم “كان”، ومنذ أول دورة لـ “كان”؛ حيث كان في طاقم التحكيم الممثل المسرحي والسينمائي يوسف وهبي، وقد عُرض خلال المهرجان على مدار السنوات ثلاثة وعشرون فيلمًا روائيًا طويلًا مصريًا، بالإضافة لفيلم تسجيلي طويل واحد؛ وهو “البنات دول” من إخراج تهاني راشد.
ونستعرض هنا المخرجين المصريين الذين استطاعوا فك شفرة مهرجان “كان”؛ ليشاركوا بأفلامهم بقوة وفي بعض الأحيان أكثر من مرة، ونتعرف على ما ميز هؤلاء المبدعين وأفلامهم.
المخرجون مرتبون حسب عدد الأفلام التي شارك بها كل منهم.
22
المخرج المصري ذو الشهرة العالمية، والذي فاز بالعديد والعديد من الجوائز؛ منها الإنجاز العام في مهرجان “كان” السينمائي عام 1997 عن مجموع أفلامه، وقد شارك في المهرجان بعشرة أفلام هي:
وقد تميزت كل الأفلام السابقة بما جعلها مؤهلة للاشتراك في “كان”؛ فمنها ما عرض الواقع المصري بما يحمله من قهر وظلم على الأفقر والأضعف بطريقة لفتت أنظار العالم؛ مثل “ابن النيل”، و”الأرض”، و”اليوم السادس”، ومنها ما تناول فترة حزينة وعصيبة في التاريخ المصري وهي نكسة عام 1967 في فيلم “العصفور”، أما “وداعًا بونابرت” فقد تناول أيضًا فترة هامة من التاريخ المصري وهي الحملة الفرنسية، ولكن لم يهتم بها من الناحية العسكرية أو الحربية، ولكن الآثار الفكرية والحضارية على مصر، وهو إنتاج مصري فرنسي مشترك، ومن أهم أفلامه التي شاركت في المهرجان: “المصير”، الذي تناول حياة الفيلسوف العربي “ابن رشد”، والصراع الأبدي بين الاجتهاد الفكري والتمسك بالسلف، وهو ما يزال يتكرر من عصر ابن رشد حتى الآن، وقد أراد “جو” التعبير عن إيمانه بحرية الفكر، وأن الأفكار لا تموت حتى لو تم إحراق الكتب كما حدث مع ابن رشد.
ومن الأفكار التي تناولها يوسف شاهين في عدد من أفلامه، الفروق والاختلافات بين المجتمع الغربي والشرقي، وإمكانية الامتزاج بينهما، وقدم عنها فيلم “الآخر” والذي شارك في المهرجان عام 1999.
وفعل يوسف شاهين شيئًا غريبًا على السينما العربية، وهو تقديم سيرتها الذاتية بأفلام من إخراجه في رباعية، شارك اثنان منهما في مهرجان “كان”؛ وهما “إسكندرية كمان وكمان”، و”إسكندرية نيويورك”.
___ê___ر 2
يعتبر “صلاح أبو سيف” رائد السينما الواقعية المصرية، وقد تأثر بتيار الواقعية في السينما الإيطالية والفرنسية خصوصًا وقد درس السينما في كلا البلدين؛ ليعود ويقدم خمسين فيلمًا استطاع من خلالها تناول العديد من المشاكل الاجتماعية، والتي عرضت في الكثير من المهرجانات العالمية مثل البندقية، وموسكو، وكارلوفي-فاري، وبرلين، وبالطبع مهرجان “كان”، الذي شارك فيه بثلاثة أفلام؛ هي:
فيلم “مغامرات عنتر وعبلة” التجربة الإخراجية الثالثة لـ “صلاح أبو سيف” وأول أعماله التي شاركت في “كان”، ويدور حول قصة الشاعر عنتر، وحبه لعبلة وهي القصة المعروفة في التراث العربي، ولكنها عالم جديد بالنسبة للمشاهد الأجنبي، أما عن فيلمه الثاني؛ فقد مال للواقعية بشدة، فهو عن سفاح في الصعيد يستخدمه أحد الباشوات لفرض سطوته على ساكني القرية، وترسل الشرطة ضابطًا بغرض إلقاء القبض عليه، والفيلم بالإضافة إلى كونه من إخراج “صلاح أبو سيف”، فهو كذلك من تأليف نجيب محفوظ، وشارك صلاح أبو سيف في السيناريو والحوار كعادته في أفلامه؛ ليتأكد من وضوح رؤيته.
أما ثالث أفلامه الذي شاركت في المهرجان، فهو “شباب امرأة” إحدى علامات السينما المصرية بحق، والذي تناول قصة شاب ترك قريته للقاهرة ليكمل دراسته فيقع في براثن المعلمة شفاعات، والتي تدخل معه في علاقة عاطفية كادت أن تدمر حياته، والفيلم أحدث ضجة كبيرة للجراءة الشديد التي تم تناول بها الحياة الجنسية لامرأة  شعبية، وقد حضرت بطلته تحية كاريوكا المهرجان وهي مرتدية الملاية اللف، وهي الزي الشعبي الذي ظهرت به في الفيلم؛ وذلك لفتًا للأنظار واعتزازًا بجنسيتها المصرية بعد المعاملة السيئة التي قوبل بها وفد مصر في المهرجان وتمييز الوفد الإسرائيلي عليه.
___ê___ر 3
كمال الشيخ أو هيتكشوك مصر كما أُطلق عليه بسبب تأثره الكبير بأفلام المخرج الأمريكي الفريد هتيشكوك، ليقدم في السينما المصرية لأول مرة أفلامًا بوليسية تعتمد على التشويق بالإضافة للدراما، وشارك في مهرجان كان بفيلمين؛ هما:
والفيلمان أصدق تعبير عن أسلوب كمال الشيخ في الإخراج؛ فكلاهما بالرغم من كون الخط الدرامي بهما قويًا؛ إلا أنهما يرتكزان على الإثارة والتشويق؛ ففي فيلم “حياة أو موت”، تدور الأحداث حول مريض يرسل ابنته لتحضر له الدواء فيعطيها الصيدلي دواءً خاطئًا، وتحاول الحكمدارية والصيدلي الوصول إليه قبل أن يتناول الدواء، وفيلم “الليلة الأخيرة” أيضًا تدور أحداثه حول امرأة تستيقظ من النوم لتكتشف أن خمسة عشر عامًا مروا بها، وأنها أصبحت زوجة وأمًّا؛ بل إن الجميع يعاملونها باسم أختها، ليظل المشاهد حتى اللحظة الأخيرة لا يعلم الحقيقة من الكذب.
___ê___ر 4
يسري نصر الله أصغر المخرجين في هذه القائمة؛ فهو من مواليد عام 1952، واشترك مع يوسف شاهين في أكثر من فيلم كمساعد مخرج؛ من هذه الأفلام فيلم “وداعًا بونابرت”، واشترك معه كذلك في كتابة سيناريو فيلم “إسكندرية كمان وكمان”، وعُرض له في مهرجان كان فيلمان؛ هما:
وفيلم سرقات صيفية هو فيلمه الأول كمخرج ومؤلف، ولكن رغم ذلك جاء كعمل فني متميز ومختلف استحق الاشتراك في مهرجان “كان”؛ فقد خرج به المخرج من الذاتية ليعممها على المجتمع بأكمله، فيسرد خلال الفيلم قصة عائلته الإقطاعية الثرية في الفترة ما بين 1961 إلى 1982، ولكن تتقاطع هذه القصة مع المجتمع الفقير في القرية، ويظهر ذلك من خلال الطفلين “ياسر” الثري، والفقير “ليل”، وفيلمه الثاني الذي عُرض في “كان”: “بعد الموقعة” فهو أيضًا واقعي إلى حد كبير، وتدور أحداثه حول موقعة الجمل التي حدثت خلال ثورة 25 يناير المصرية، وذلك من خلال ناشطة سياسية تبحث عن الحقيقة وراء الموقعة، وأحد الشباب المتورطين في الموقعة من نزلة السمان.
___ê___ر 5
مثلما كان “لوميير” الفرنسي أبا السينما، فيمكن اعتبار “محمد كريم” أبا السينما المصرية؛ حيث أنشأ أول شركة إنتاج سينمائية عام 1917 في مدينة الإسكندرية، ومن خلالها تم إنتاج أول فيلمين إبداعيين: “الأزهار الميتة”، و”شرف البدوي”، ثم بدأ مشواره في الإخراج بفيلم زينب عن أول رواية مصرية، وأخرج هذا الفيلم مرتين، واحدة منها “صامتة” ومرة أخرى “ناطقة”، وفيلمه “أولاد الذوات” 1932 يعتبر أول فيلم عربي ناطق، وقد كانت السينما حبه الأبدي وشغفه الأكبر، وفي عام 1954 باع أثاث منزله لينتج فيلم “جنون الحب”.
وعُرض له في مهرجان “كان” فيلم واحد؛ هو:
وكان أسلوب محمد كريم في الإخراج يميل إلى الاهتمام بالتفاصيل وتجميل الواقع؛ لذلك عاب الكثيرون على فيلمه زينب الذي لم يظهر الريف المصري على حقيقته، أما عن فيلم “دنيا” فهو فيلم درامي تراجيدي حول فتاة تقع في حب شاب ثري لتحمل منه سفاحًا ويتخلى عنها، ويعود لها مرة أخرى يبدي حبه، فتقع في حيرة بين الحب والانتقام.
أحمد كامل مرسي:
___ê___ر 6
أحمد كامل مرسي، ليس مخرجًا سينمائيًا فقط، ولكن موهبة فنية شاملة بكل المقاييس؛ فبدأ حياته في الإذاعة، وقدم برنامجًا بعنوان “أفلام الأسبوع”، ثم عمل كمخرج إذاعي، قبل أن يتجه للسينما ولكن بعمل جديد تمامًا على السينما المصرية في ذلك الوقت؛ وهو الدوبلاج، وقد قام بذلك في فيلم: “جاري كوبر يذهب للمدينة”، ثم بدأ في الإخراج، ليقدم للسينما مجموعة أفلام، منها فيلم واحد شارك في مهرجان “كان” السينمائي؛ هو:
___ê___ر 7
أحد المساهمين الأساسين في تأسيس استوديو مصر؛ حيث طلب منه طلعت حرب تقديم تقرير وافٍ عن إمكانية إنشاء استوديو سينمائي، وهو التقرير الذي تم على أساسه البدء في المشروع الكبير وحجر الأساس في السينما المصرية، ثم ذهب في بعثتين لفرنسا وألمانيا لدراسة السينما، وعمل هناك كمساعد مخرج قبل أن يعود لمصر ليبدأ في إخراج أفلامه الخاصة، والتي تميزت بميلها للرومانسية، وكذلك هو شهير بإخراج أغلب الأفلام الغنائية لنجوم عصره، فهو أخرج كل أفلام أم كلثوم ماعدا فيلمين، والكثير من أفلام فريد الأطرش وأسمهان ونجاة وعبد المطلب، وشارك في مهرجان “كان” فيلم واحد من الطراز الرومانسي أيضًا؛ هو:
  • ليلة غرام-1951
___ê___ر 8
شيخ المخرجين المصريين، وصاحب أكبر رصيد من الأفلام حتى الآن؛ حيث أخرج ما يقارب المئة فيلم، وعمل مع الكثير من نجوم جيله، ولكنه كوّن ثنائيًا مميزًا مع النجمة فاتن حمامة والتي أخرج لها ثمانية عشر فيلمًا، فاز منها فيلم “الباب المفتوح” بجائزة “مهرجان جاكارتا السينمائي”، ولكن، فيلم واحد فقط لهما هو من ترشح لجائزة السعفة الذهبية لمهرجان “كان”؛ وهو:
الفيلم مقتبس من قصة للكاتب “يوسف ادريس”، وهو درامي واقعي، يصور معاناة امرأة فقيرة لم تكن تريد سوى إسعاد زوجها بثمرة بطاطا، فتم الاعتداء عليها فتحمل، وتضطر لإخفاء حملها، إلى أن تلد، ثم تقتله رغمًا عنها وهي تحاول إسكاته خائفة من انكشاف فضيحتها التي حدثت رغمًا عنها.
___ê___ر 9
محمد خان أحد أبرز المخرجين الواقعيين في السينما المصرية، وقدم واحدًا وعشرين فيلمًا كتب منهم اثني عشر فيلمًا، وعلى الرغم من أن ميوله ودراسته كانت في مجال الهندسة؛ إلا أنه وقع في براثن شغف السينما، وقبل أن يبدأ في إخراج أفلامه الخاصة كتب لفترة مقالات عن السينما والأفلام، وأصدر كتابين؛ الأول منهما عن السينما المصرية والثاني عن السينما التشيكية، وعُرض له فيلم واحد في مهرجان “كان”، لكن خارج المسابقة؛ هو:
وهو فيلم من الطراز الواقعي، يعالج مشكلة الغربة سواء في الخارج أو في الوطن، من خلال شاب يسافر ليحقق أحلامه وعندما يعود لوطنه يجد أنه لم يعد له مكان.
___ê___ر 10
عاطف الطيب، الصعيدي الذي قدم المواطن المصري الواقعي والمجتمع بمشاكله الحقيقية، بدون تجميل، وقد عمل في البداية كمساعد مخرج في عدد من الأعمال وأخرج أول فيلم قصير له عام 1972 خلال تواجده ضمن الجيش المصري، وشارك في مهرجان “كان” بفيلم واحد؛ هو:
والفيلم مقتبس من رواية لنجيب محفوظ، ويتحدث عن مشاكل زواج الشباب، والمعوقات الاجتماعية والعائلية التي يقابلونها.

لينك المقال الاصلي: اضغط هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق