اليوم سأكون "الأوهارا"



بالتأكيد استغربتم العنوان، فما هو كنه هذا "الأوهارا"؟ وكيف يكونه الناس؟
بدون اللجوء للألغاز أنا من عشاق رواية "ذهب مع الريح" والفيلم وكل ما يتعلق بهما، ولذلك عندما وجدت الجزء الثاني من الرواية تحمست للغاية، فبعدما أنهت "مرجريت متشيل" روايتها وحازت على الإعجاب الرهيب من القراء، قررت عدم كتابة تتمة لها وأن الأحداث بالنسبة لها انتهت هكذا، وهذا أحبط القراء بشدة، ثم توفيت في حادث سيارة وهى في الأربعينيات من عمرها ليموت الأمل في معرفة مصير كل من "سكارليت أوهارا" و"ريت باتلر" وهل سيعودان معًا أم لا؟

ولكن بعد سنوات من وفاتها وقد قاربت حقوق ملكية الرواية التي يمتلكها الورثة على الانتهاء عُرض عليهم كتابة جزء ثانٍ للرواية من تأليف الكاتبة "أليكسندرا ريبلي" وقد وافقوا على ذلك، لتبدأ بالفعل في كتابة "سكارليت" الجزء الثاني من الرواية في سابقة أدبية بالفعل، وعلى الرغم من ذلك لم تلاقِ الرواية النجاح المتوقع لها.

لنتوقف عن سرد التاريخ لندخل في عالم الرواية، قراء "ذهب مع الريح" ومشاهدو الفيلم يعلمون أن الأحداث انتهت بفراق بين البطلين، وقد قرر "ريت باتلر" هجر زوجته التي حاول كثيرًا الحصول على حبها دون جدوى، ولكنه يهجرها بعدما تكون أحبته بالفعل، وبالتالي تقرر أن تتركه الآن يذهب على أن تحاول استرجاعه في المستقبل، ومن هذه النقطة تبدأ أحداث الجزء الثاني من الرواية، حيث تحاول "سكارليت" أن تستعيد حب زوجها لها، ولكنه يرفض فتتركه وتذهب في رحلة للبحث عن جذورها، تقابل جدها لأمها، ثم أقاربها لوالدها الذي من أصل آيرلندي، وعندما يطلقها "ريت" تقرر أن تترك كل شيء وتذهب لتزور أرض أجدادها لتمتد هذه الزيارة لإقامة دائمة.

ما أعجبني في الكاتبة أنها حتى لا تدخل في مقارنة ظالمة مع "مرجريت متشيل" نقلت أحداث الرواية لبلد مختلفة بالكامل، حيث تعطي شخصية "سكارليت" الفرصة للنمو بالشكل الذي تأمله، فعندما عادت لأرض أجدادها وجدت أن هذا المكان المعدّ لها، بدون القيود والقواعد والتقاليد الخانقة والتي أشعرتها دومًا أنها غريبة منبوذة، بل إن كل ما كانت مرفوضة لأجله هناك هي مقدّرة بسببه هنا، لتشتري الأرض التي زرعها أسلافها منذ قرون وتعيدها لأقاربها يعملون بها، لتتحول من المرأة المطلقة التي ترفض نساء البلدة الحديث إليها، إلى الشخصية التي يلتف حولها الجميع وتعطيهم الأمان والمحبة والاهتمام الخالص. تحولت "سكارليت" إلى "الأوهارا"، وهو اللقب الذي اختاره لها أهل بلدتها لها، احترامًا لمكانتها.

من هنا أتى مفهوم "الأوهارا" من وجهة نظري، "الأوهارا" امرأة قررت ألا تهتم بما يقوله عنها الناس، أن تتعلم من أخطائها وتبني لنفسها الحياة التي تريدها، أن تضع القواعد التي تريحها، أن ترفع رأسها عاليًا، ألا تلهث خلف رجل لا يريدها حتى لو كانت تحبه، أن تعيش حتى لو رفضتها الحياة.

وبناء عليه.. لقد قررت بمناسبة عيد ميلادي الثلاثين أن أصبح أنا أيضًا "الأوهارا"، أرسم حدود مملكتي وأضع قوانينها التي تلائمني، وأضع القواعد التي تجعل ابنتي عندما تصبح في الثلاثين من عمرها في غير حاجة لاتخاذ مثل هذا القرار، فمن البداية ستكون هي كذلك "الأوهارا".
لينك المقال الاصلي: اليوم سأكون "الأوهارا"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق