فيلم Selma .. حين يُحرّف التاريخ ليزداد التشويق!


لا أحد يستطيع إنكار اننا هنا أمام فيلم جدير بالمشاهدة، قصة قويّة ومؤثرة عن قضية لايزال لها صدى رغم كل الخطوات التى تم أخذها للإنتهاء من العنصرية في الولايات المتحدة الأمريكية. أما عن بطل الفيلم فهو شخصية تاريخية أثّرت على حياة الملايين بأفكارها ومبادئها وبالفعل الفيلم مرشح لجائزة الأوسكار كأفضل فيلم.
لكن تم فى الولايات المتحدة الأمريكية مهاجمة الفيلم بسبب تصويره لبعض الحقائق بشكل غير دقيق بالإضافة إلى الظلم الذى تعرّضت له شخصية الرئيس الأمريكي جونسون من خلال تقديمه بالصورة الخاطئة التي ظهر عليها في الفيلم، ولكن لنترك كل هذا الجدل ونعود إلى الفيلم وإلى الأصول التاريخية للأزمة التى تم عرضها خلال ساعتان وهما عمره.

إعطاء الحق

lbj-king1_1_jpg_600x627_q85
سلما عبارة عن مدينة صغيرة في ولاية ألاباما يبلغ عدد ذوي الأصول الإفريقية بها حوالي نصف السكان ولكن حاكم الولاية العنصري وباقي موظفين الحكومة أنكروا عليهم الحق فى التصويت ولذلك عمدوا بطريقة مهينة إلى منعهم من تسجيل أنفسهم.
تفجّرت القضية أكثر بعد حادث تفجير في كنسية والذي راحت ضحيته أربع طفلات صغيرات، قام بعدها مارتن لوثر كينج بحملة فى سيلما للحصول على الحق فى التصويت وتضمنت الحملة بالطبع العديد من الوقفات الإحتجاجيه وهو ما أغضب الحاكم ودفع الشرطة إلى إستعمال العنف مع المدنين فى مشاهد موجعة للقلب بالفعل، ما أثّر في الرأي العام الأمريكي حتى بين بعض بيض البشرة الغير متعصبين للون وجعلهم ينضمون لهذه الوقفات من أجل وصولي أهالي سيلما على حقّهم في التصويت.

أوبرا وينفري.. مشاهد قليلة واداء رائع

s-winfrey
فى الحقيقة أن الأداء التمثيلي للبطل David Oyelowo فى دور مارتن لوثر كينج كان متميز للغاية وقد اُستخدم التشابه الشكلي بينهم ولكن لم يعتمد عليه فقط بل أتقن أسلوب الأخير في الخطابات والتشديد على بعض الكلمات بل حركات الأيدي كذلك.
ولكن الدور الذى جذبني للغاية هو الشخصية التى قامت بها الإعلامية أوبرا وينفري أثناء لعبها لشخصية بسيطة تكاد لا تنطق بضعة كلمات طوال الفيلم، لكن أعتبرها البطلة الحقيقية له، “آني لي كوبر” هي “سيلما”، هي الشعب الذى يكافح حتى يحصل على حقوقه، والتي تحمّلت السخافات من الموظّف الحكومي الذي كان بيده إنهاء أوراقها وأيضاً أسئلته الذي بلا معنى ولا هدف.
قد أدّت “أوبرا” الدور ببراعة شديدة وبمجرد تعابير وجهها أوصلت للمشاهد شعور القهر ثم التحدي ثم الفرحة بالنصر وقد ظهرت كممثلة محترفة.
Magic in the moon light .. حينما ينقلب السحر على الساحر

جدل قديم

150106180432-selma-movie-still-lead-segment-01-06-full-169
لقد فتح هذا الفيلم مرة أخري الجدل حول الحقائق التي يجب أن تحتويها الأفلام وهل يجوز تحريفها لصالح العمل الدرامي أم هذا تشويه للتاريخ؟
خلال أحداث الفيلم ظهر الرئيس جونسون كما لو إنه معارض للقانون الذى يعطي المواطنين سود البشرة الحق فى التصويت ويرغب فى تأجيله لإقتناعه أن أمور اخرى أهم، وأن مارتن لوثر كينج قد تناقش معه و تحدّاه بسبب هذا القانون و دارت بينهم العديد من النقاشات الحادة.
فى الحقيقة أن هذا الصراع لم يحدث، فعلى الرغم من الإختلافات الثقافيه بين الإثنين و الأولويات المتباينة فقد كانا متفقين علي هذا القانون، ولكن لإعطاء الفيلم طابع درامي أشد وتوضيح أهمية مارتن لوثر كينج فى الكفاح ضد العنصرية تم تحريف التاريخ فى هذه النقطة، مما أثار غضب الكثيرين و رأوا فى ذلك تشويه للحقائق فى عقول المشاهدين خصوصا لو كانوا صغار السن فسوف تترسخ لديهم معلومات خاطئة .

أقرّت الحقائق التاريخية أن وقت حدوث المظاهرات فى سيلما، القانون كان مطروح بالفعل على الكونغرس الأمريكي، وقد أهتم مارتن لوثر بالأمر حتى يضغط على الكونغرس ويظهر أمامه الغضب الشعبي.
فى النهاية سواء الفيلم كان دقيقاً في هذا النقطة أم لا، فمن المؤكد أن العنصرية الأمريكية كانت فى هذا الوقت في أوج قوتها ورغم إلغاء العبودية قبل ذلك بكثير فكانت لاتزال كائنة فى عقول وقلوب الكثير من البيض والذين أنكروا على شركائهم فى الوطن أقل حقوقهم سواء في التصويت أو التعليم أو حتى الإحترام.
إعلان الفيلم

لينك المقال الاصلي : فيلم Selma .. حين يُحرّف التاريخ ليزداد التشويق!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق