شيرلوك هولمز.. المحقق الذي يصلح لكل زمان

شيرلوك هولمز.. المحقق الذي يصلح لكل زمان
لمحقق هولمز الشخصية الخيالية التي أبدعها الكاتب “سير آرثر كونان دويل”، وأعطاها من روحه حتى أصبحت بالنسبة لكثيرين مجسمة وحقيقة أكثر منه هو شخصيًا.
فالباحث حول شيرلوك هولمز، سيجد أن المعجبين جمعوا من قصصه ورواياته قصاصات قليلة صنعوا منها ثوبًا كاملًا وهو حياته، ما بين طفولته، شيخوخته، علاقاته العاطفية والأهم بالطبع مغامراته مع شريكة العتيد “جون واطسون”.
1
ظهر شيرلوك أول مرة عام 1887 في رواية “دراسة باللون القرمزي”، ونُشرت أربع روايات له بالإضافة إلى 56 قصة قصيرة، وقد استوحى الكاتب الشخصية من أستاذه الدكتور “جوزيف بل”؛ حيث انبهر بقدرته على التوصل إلى استنتاجات معقدة من تفاصيل بسيطة.
ولهولمز ملامح شخصية مميزة جعلت من تقمصه في الأعمال الفنية عملًا شديد الصعوبة والسهولة في آن واحد؛ فهو ذكي، متغطرس، مغرور، ذو طبيعة باردة متباعدة، وحس دعابة حاد قد لا يفهمه كثيرون، بعيد عن مفهوم البطل حامي العدالة الذي قد نراه في شخصيات روائية أخرى، فيستشعر القارئ أن ما يفعله ليس بغرض تحقيق العدل قدر إرضاء نفسه واستعراض قدرته في الوصول للحقيقة، وهذا ما جعل تقمص الشخصية سهلًا لو اتبع الممثل هذه العلامات الواضحة، ولكن شديد الصعوبة؛ لأن من يجيد هذا الدور يجب أن يصل لروح هولمز نفسها بحيث لا يتمادى في جانب ويهمل آخر.
وبالطبع شخصية بهذه الجاذبية تم تناولها في العديد من الأعمال التليفزيونية والسينمائية، بدءًا من فيلم Sherlock Jr، الذي تم إنتاجه عام 1924، وحتى فيلم Sherlock Holmes: A Game of Shadows والذي تم إنتاجه عام 2011، واليوم نستعرض بعضًا من هذه الأعمال.
يمكنكم مشاهدة قائمة بالأعمال الفنية حول هولمز هنا.
وكانت البداية مع شيرلوك الصامت
2
Sherlock Jr، فيلم صامت من إنتاج عام 1924، وهو يعتبر من أوائل الأعمال التي تناولت قصص شيرلوك هولمز من الناحية السينمائية، الفيلم تدور أحداثه في إطار كوميدي خيالي، والبطل شاب يعمل في دار عرض الأفلام ويأمل في أن يصبح محققًا في يوم من الأيام، يريد إهداء حبيبته صندوق شيكولاتة والتقدم لزاوجها، بينما غريمه يحاول أن يورطه في سرقة قام الأخير بها، وعندما يرجع العاشق الجريح لعمله ينام ليحلم بأنه أصبح المحقق الشهير شيرلوك هولمز، والذي ينجح بالطبع في التوصل للحقيقة بعد فاصل من المواقف الكوميدية.
3
الفيلم من إنتاج أمريكي، ويشبه كثيرًا أفلام شارلي شابلن في أسلوب التصوير، ومن إخراج وبطولة Buster Keaton، وتم اختياره في المرتبة 62 في قائمة أكثر الأفلام كوميديا.
شيرلوك بالنكهة الأمريكية
4
بالطبع السينما والتليفزيون الأمريكي قدما أغلب الأعمال المقتبسة من قصص شيرلوك هولمز، ولكن هنا نقصد الفيلمين الأحدث في هذا الإنتاج Sherlock Holmes وSherlock Holmes: A Game of Shadows، وتم إنتاجهما عام 2009 و2011 على الترتيب، وهما من إخراج Guy Ritchie، وبطولة Robert Downey Jr في دور شيرلوك، وJude Law في دور الدكتور واطسون، وتم ترشيح الجزء الأول لجائزتين أوسكار لم يفز بأي منهما بينما فاز روبرت داوني جونيور بجائزة الجولدن جلوب عن دوره في الجزء الأول.
وعلى الرغم من أن الفيلمين حاولا نقل روح القصص والشخصيات بالضبط والطابع الإنجليزي؛ إلا إنهما لم يفلحا في ذلك تمامًا، فظل الطابع الأمريكي مسيطرًا، سواء على الشخصيات أو الحوار أو الموسيقى التصويرية.
5
فالفيلم الأول دار حول اللورد بلاكوود الذي يتم إعدامه بسبب جرائم قتل وممارسة السحر الأسود، ولكن بعد ذلك يُكتشف إنه لم يمت؛ بل عاد للانتقام والسيطرة على العالم عن طريق التحكم في منظمة ماسونية، وهدفه هو الوصول إلى الولايات المتحدة وإعادتها للحكم البريطاني في لمسة أمريكية الطابع تمامًا، أما الجزء الثاني فدارت أحداثه حول البروفيسور “موريارتي” الذي يرغب في التحكم في العالم أيضًا ولكن هذه المرة بطريقة أكثر ذكاء وحنكة، فهو يعمل على امتلاك مصانع ضخمة مختلفة مثل مصنع لإنتاج الضمادات الطبية وآخر لإنتاج الأسلحة، ثم يصنع السوق الملائمة لهذه المنتجات وهي الحرب بالطبع، وهو الدور الذي تقوم به الولايات المتحدة في الحقيقة.
الفيلمان يتميزان بخفة ظل وموسيقى تصويرية مميزة، وبالطبع إخراج رائع تم استخدام تقنيات تصوير متعددة به، ويضمنان للمشاهد ساعات من المتعة والإثارة.
إعلان الجزء الأول
إعلان الجزء الثاني
شيرلوك الأصلي
6
هذه المرة التناول عبارة عن مسلسل من إنتاج بريطاني، بدأ أول موسم عام 2010، ومستمر إلى الآن، عدد حلقات المسلسل قليلة (كل موسم ثلاث حلقات فقط)، وكل حلقة طولها ساعة ونصف مما يصنع منها فيلمًا تقريبًا، وهو من بطولة Benedict Cumberbatch في دور شيرلوك هولمز وMartin Freeman في دور دكتور واطسون.
7
من المتوقع أن العاملين على تحويل أي نص أدبي إلى سينما، عليهم أن يبحثوا في كل تفاصيل الشخصية بقراءة العمل أكثر من مرة، ولكن أعتقد أن أي فريق قام بعملية التحويل هذه لم يبذل المجهود الذي قام به كتاب مسلسل شيرلوك؛ فكل تفصيلة صغيرة في الروايات والقصص تم سردها بطريقة أو بأخرى في المسلسل حتى لو كانت في جملة عابرة قد لا ينتبه إليها المشاهد العادي غير العالم بتفاصيل الشخصية، ليصنعوا لنا في النهاية عملًا فنيًا متقنًا للغاية نقل شخصية المحقق شيرلوك كما لم يحدث من قبل.
تدور أحداث المسلسل في لندن المعاصرة على غير العادة، وبالطبع هذا أثرى المسلسل بشدة مع كل التغييرات التكنولوجية التي حدثت منذ وقت كتابة الروايات في نهاية القرن التاسع عشر، أضف على ذلك الأداء المميز للبطل الذي استطاع الوصول إلى روح هولمز الحقيقية أكثر من أي ممثل آخر قام بهذا الدور، وحس الدعابة البريطاني المختلف عن الأمريكي تمامًا، واعتماد المسلسل على التحليل المنطقي لكل تفصيله بطريقة مميزة في عرضها على المشاهد، لنجد أننا أمام أكثر عمل فني نجح في نقل أعمال آرثر كونان دويل إلى الشاشات بدون تحويلها إلى فيلم حركة؛ بل هي الإثارة والتشويق في أقصى صورها.
للمقال الاصلي: اضغط هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق