التواصل البشري VS العالم الافتراضي.. من يفوز بالصــراع!؟

مشهد 2014
عائلة مكونة من جدة وأم و طفل يجلسون فى مقهى فى إحدى المجمعات التجارية الراقية ، الجدة تمسك هاتفها المحمول و تتابع شئ على شاشته ، الأم تتابع أحدث مانزل على  الفيس بوك ، والطفل يلعب إحدى ألعاب الأندرويد على جهاز لوحى..
مشهد 2004
ذات المقهى، و من الممكن ذات العائلة أيضاً، يجلسون يتبادلون الحديث عن أحداث العائلة وبعض الاجتماعيات مع المزاح الخفيف ..
الفارق بين المشهدين ليس العشر سنوات ، قدر التغيرات التى دخلت علي مجتمعاتنا نتيجة التكنولوجيا الحديثة وكثرة مواقع العالم الافتراضى مثل الفيس بوك ، وتويتر واليوتيوب وغيرهم ..
وكذلك الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية التى سَهلت الدخول إلى هذه المواقع وجعلتها من الممكن الوصول إليها فى أى مكان.
عالم جديد فتح أبوابه لنا والطريق أمامنا فى غاية التمهيد فلماذا لا نلجه ؟ بالاضافة إلى تميزه بالجاذبية الشديدة والتنوع والتغير من لحظة إلى أخرى ، فمن الممكن أن نقضى نهارنا وليلنا على المواقع المختلفة دون الشعور بالملل..
لا يستطيع عاقل أن يهاجم هذه المواقع وينكر أهميتها وفوائدها الكثيرة ، والنقلة النوعية التى أحدثتها فى حياة البشر والتقارب والتبادل الثقافى على المستوى الواسع مابين حضارات مختلفة..
لكن ككل اختراع حديث أو اضافة للفكر الأنسانى ، يمكن استغلالها بطريقة مفيده وممكن استغلالها بطريقة مضرة أو على الأقل غير مفيدة ومضيعة للوقت ..
توضيح هزلى للفكره.. حصل طالب أجنبى على جهاز لوحى من جامعته ، ويقوم هذا الطالب بتحميل أبحاث وكتب تخص دراسته ، وعلى الجانب الآخر طالب عربى يحصل على ذات الجهاز اللوحى فأول مايقوم به تحميل الألعاب المختلفة والدخول على مواقع التواصل الاجتماعى ..
الفارق بين هذين الطالبين ليس الجنسية قدر ماهو أيدلوجية التفكير المتبعة فأحدهما يرى فى التكنولوجيا مساعد له فى أهدافه يسهل له الوصول إليها ، فى حين أن الأخر لا يرى فيها إلا وسائل للتسلية والترفيه والمتعة، أما الجانب التعليمى أو الثقافى جانب هامشى إن أحتاج إليه سوف يبحث عنه!
للأسف المشكلة فى كيفية الاستخدام الصحيح للتكنولوجيا الحديثة مما أدى إلى حدوث خلل فى العديد من المواضع وأهمها التواصل البشرى، فتم الاستعاضه عنه بالتواصل فى العالم الأفتراضى ، فنجد أخ وأخته يفصل بينهما جدار وتتم محادثات طويلة بينهم على فيس بوك مثلاً، أو شخص لا يعرف أخبار عائلته إلا عن طريق تغريداتهم على تويتر..
هذا الخلل قد يؤخذ اليوم بهزلية على أساس أنه شئ عابر ، لكن فلنفكر فى الأجيال القادمة التى تتربى الان على أن القطة هى الصورة التى تتحدث لها فى لعبة القط توم لدرجة أنها عندما ترى قطة حقيقة قد لا تتعرف عليها !!

هل هى موضة وستُنسى أم أنه واقع ؟

سألت فى إحدى الندوات الكاتب المعروف د. أحمد خالد توفيق عن هذه الحالة من الاستعاضة بالتواصل الالكترونى عن التواصل البشرى وهل هى حالة مؤقته بسبب هذا الزخم من التكنولوجيا فى فترة قصيرة أم أن هذه حالة مستديمة وكانت أجابته بمنتهى الاختصار..
هذا التغيير جاء ليبقى وأنه لم يعد هناك رجعه فشكل المجتمع ذاته سيزداد تغيراً كلما استمر الوضع على ماهو عليه
ولهذا التغيير الكثير من التبعات على المدى القصير والبعيد فما نراه الان موضة حديثة أو اسلوب حياة جديد وطريف بعد القليل من الوقت سوف يصبح الوضع المعتاد ويأتى اليوم الذى نفتقد فيه التواصل الفعلى فلا نجده..
فلنفكر فى الأطفال الذين لايروا تواصل بشرى بين الأب والأم فهم إما مجتمعان وكلا منهم يحدق فى هاتفه أو أمام التلفاز فى صمت ، ما هو المثال الذى يأخذه الطفل من هذه العائلة ؟ ومن أين المفترض أن يتعلم التواصل البشرى؟ فلا عجب أن كثيراً من الأطفال فى الوقت الحالى لا يستطيعون الكلام فى الوقت المفترض ،والحاجة إلى أطباء التخاطب زادت عن الماضى كثيراً..
الان السؤال الذى يطرح نفسه هل يفوز التواصل البشري فى الصراع الدائر بينه وبين العالم الافتراضي ؟ وماهى نتائج هزيمته المتوقعة على مجتمعنا؟
للمقال الاصلي: اضغط هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق