فاشل هنا .. مُلهم هناك!

أتحدث اليوم عن فيلم رائع ، شاهدته قريبا وغير أفكارى فى عدة مواضيع، فمثلاً كانت الأفلام الوثائقية بالنسبة لى هى تلك الأفلام عن الحيوانات وعن الأماكن غير المكتشفة وغيرها من المواضيع التى لا تشوقنى، لذلك كان هناك بينى وبين قنوات الأفلام الوثائقية عداء مستحكم ، ولكن رغم أن هذا الفيلم وثائقى لكنه فى غاية الامتاع ،والقصة التى تشاهدها خلاله لا تقل فى أى حال عن اى قصة لأى فيلم سينمائى ..
الفيلم بعنوان Searching for Sugar Man ومن إنتاج 2012 وفاز بجائزة الأوسكار وجائزة البافتا كأفضل فيلم وثائقى، هذا غير عشرات الجوائز الأخرى والترشيحات ..

أين تدور أحداث الفيلم ؟

1
فى البداية كنت مشتته لا أفهم الصلات غير الواضحة فى الفيلم، فيبدأ فى جنوب أفريقيا ثم ينتقل إلى الولايات المتحدة ليحدثنا عن مغنى غير مشهور مجهول النهاية، فالأسطورة تقول إنه مات منتحراً على خشبة المسرح مرة بأنه أطلق الرصاص على نفسه ومرة بإشعال النيران فى نفسه ونهايات متعددة أخرى ..
وصدر لهذا المغنى أسطوانتين لم تحققا النجاح المرجو منهما مما أُثار دهشة المنتجين والعاملين فى هذا الحقل لروعة الأغانى، وتوقف بعدها عن الغناء ومن هنا جاءت أسطورة انتحاره التى لايعلم أحد إن كانت صحيحة أم خاطئة ..
نرجع إلى جنوب أفريقيا ليبدأ الجزء المشوق فى الفيلم ..

ملهم هناك ..

2
تبدأ أحداث الفيلم الممتعة فى جنوب إفريقيا حيث نعرف كيف انتقلت أغانى رودريغو إليها عن طريق الصدفة البحته فى حقيبة احدى الفتيات أثناء زيارة لصديقها، ومن هناك اشتعلت الشرارة وتم صناعة ملايين النسخ من هذه الاسطونة ليصبح روريغو الفنان المنسى الفاشل فى الولايات المتحدة الأمريكية، أيقونة الغناء والفن فى جنوب إفريقيا..
لفهم سبب هذه الشعبية الجارفة يجب توضيح عدة أمور، أن جنوب إفريقيا كانت تلتهب فى السبعينات والثمانيات بصراع التفرقة العنصرية بين البيض الذين إستوطنوا البلدة وبين أهالى البلاد الأصليين ، وكان الكثير من الشباب الرافض لهذه الممارسات العنصرية يعيش فى ظل جو قمع شديد فى كل المجالات السياسية وحتى الإجتماعية ..
فكانت هذه الأغانى الحساسه التى عبر بها الفنان رودريغو عن الحرية وعن الحب المفتوح ، عن حياة أخرى تشبه الأحلام الهيبيه ، كانت بمثابة طاقة نور لدى هؤلاء الشباب فتعلقوا بالفنان وتداولوا أغانيه مثلما كان يتم تداول أغانى البيتلز وغيرهم من الفرق المشهورة على الجانب الأخر من العالم.

رحلة بحث

لماذا تم انتاج هذا الفيلم ؟ هل فقط ليخبرنا عن هذه الظاهرة الغربية ؟
فى الحقيقة لانتاج هذا الفيلم قصة مشوقة وكانت بدايتها رغبة أحد الصحفيين فى كتابة مقال عن الفنان رودريغو ولذلك بدأ عملية بحث عن أصول هذا الفنان الغامض ..
كان فقط يريد أن يسبر غموضه ويجمع معلومات عنه، وفى خلال عملية البحث أنشأ منتدى عن روديغو على الشبكة العنكبوتيه .. ومع الوقت أكتشف هذا الصحفى أن رودريغو لم يمت !
لازال حياً يعيش فى الولايات المتحدة الأمريكية لكن لا أحد يعرف مكانه ، وتم هدم أسطورة انتحاره فى هذه اللحظة ، وهنا قرر الصحفى أنه جمع من المعلومات مايكيفيه لمقاله ونشره ..

مفاجأة القدر

الذى لم يتصوره أن إبنة رودريغو رأت المنتدى الذى أنشأه وقامت بالتواصل معه ومن هنا بدأ فصل جديد فى الحكاية ..
فعن طريق الإبنة تم الوصول للأب وذهب بنفسه ليقابل أيقونة شبابه وشباب جنوب إفريقيا..
ومن هنا تأتى مفارقة القدر وسبب عنوان المقال ..
فرودريغو أنجح فنان فى جنوب إفريقيا يعد لاشئ فى الولايات المتحدة، مجرد مواطن ذو أصول لاتينيه يعمل عمل متواضع لا يكاد يكفى ليعيش حياة لائقه هو وبناته ..

من اللا شئ إلى كل شئ

3
وتأتى الدعوة المنتظرة إلى ردوريغو للسفر إلى جنوب إفريقيا ليحصد نجاح لم يكن يعرف بوجوده ..
المفاجأة ، الدهشة ، دفقات السعادة الغير مرتقبة ، كل هذا شعر به وأكثر حين رأى الإستقبال الحافل فى جنوب إفريقيا ..
وقام هناك بإحياء عدد من الحفلات وأمتع جمهوره واستمتع لأول مرة بطعم الشهرة التى توقف منذ عقود عن البحث عنها ..
رحلة روديغو أو البحث عنه رائعة وملهمة للغاية ، فمن الممكن أن يكون الانسان فى غير مكانه طوال عمره، فى حين أن نجاحه وتفوقه ومستقبله فى مكان أخر لكن لعبة المصادفات لا تترك أحد فى حاله ..
للمقال الاصلي: اضغط هنا 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق