قبل الزفاف فرحة ولا قلق وحيرة؟

في أحد مشاهد مرمر/ ناهد السباعي، خلال أحداث مسلسل "السبع وصايا"، كانت خائفة من ظهور عفريت زوجها القتيل، الذي طفق يطاردها، على الرغم من عدم تصديقها، وفي لحظة من لحظات ضعفها ورعبها يظهر في حياتها شاب لزج لا تهتم لأمره تمامًا يتقرّب منها، ولكن المشهد الذي يليه نعرف أنها أقامت معه علاقة عاطفية طويلة، سببها ليس الحب أو الاهتمام قدر احتياجها للأمان والهروب من عفريتها الخاص.

ومثلها العديد من الفتيات، يدخلن في علاقات يعلمن منذ البداية أنها غير مناسبة أو أنها متعجلة، ولكن ليس خوفًا من عفريت مثل مرمر، بل لإشباع احتياج ما، أو الخوف من كلام الآخرين أو الإحساس بالوحدة، وفي أحيان كثيرة تنتهي هذه العلاقة بالزواج.

لم أكن إحداهن، بل قررت منذ البداية أن الحياة لا يوجد بها الكثير من الوقت للتجريب والاختبار والخطأ والتعلم، فحاولت في اختياري لزوجي أن يكون الأنسب لي من الناحية العقلية أولاً والعاطفية ثانيًا، وبعد تخرجي بدأت التلميحات ثم التصريحات، ثم مقابلة العرسان في الصالونات، الذين أجدت تطفيشهم بكل سهولة، ثم قابلت زوجي، ومررنا بعلاقة طويلة، بداية من الزمالة ثم الصداقة ثم الحب ثم الزواج، وخلال خمس سنوات عشت كل المراحل وتعرفت عليه عن قرب.

لكن هل هذا يعني أنني لم أعانِ من أي عفريت مثل باقي الفتيات؟
لقد كان عفريتي من نوع مختلف لكنه شائع أيضًا، فقبل الزفاف بأسابيع قليلة بدأت الوساوس تنتابني حول زوجي المقبل، هل ستتغير شخصيته بعد الزواج؟ هل كان اختياري سليمًا؟ ماذا لو كان يبيّن لي جوانبه الطيبة ويخفي عني أخرى سيئة سأكتشفها؟ هل سأستطيع أن أتقبّل وجود شخص في حياتي طوال الوقت؟ أسئلة لا تنتهي، وما أن أجيب عن أحدها حتى يظهر آخر في ثوانٍ.

كانت أيام عصيبة من المشكلات التي أفتعلها دون أن أظهر السبب، حتى بدأت ألتقط أنفاسي وأفكر بهدوء قبل أن أفسد علاقة ظللت أبنيها لوقت طويل، وتوصلت إلى حقيقتين.

الأولى: أنه لا يوجد ما سيحدث ويطمئنني غير الزواج نفسه، فلا شيء يستطيع خطيبي في ذلك الوقت أن يقوله ويقلل من مخاوفي إن كانت معرفة السنين لم تقدر على ذلك، فأنا أمرّ بحالة غير منطقية.

الثانية: لا توجد أي ضمانات يستطيع أن يقدمها لي حتى أثق أنه لن يتغير، بل أنا شخصيًا لا أثق أني لن أتغير، وقد حدث هذا بالفعل، فغيرت عملي وأصدقائي والكثير من الثوابت في حياتي، ولكن ظللت على حبي وإيماني بعلاقتي بزوجي.

وساوس ما قبل الزواج من المشكلات التي قد تفسد الكثير من الزيجات قبل أن تبدأ، فهي تتملك عقل العروس المقبلة، وتجعلها تتخيل أسوأ السيناريوهات الممكنة والتي لا توجد أي أسباب منطقية تدفع إليها، ويجب أن نفرّق هنا بينها وبين قلق العروس من النواحي الجنسية، أو حول مظهرها في يوم عرسها، ففي الحقيقة كل هذه الأمور معًا تصنع من أعصاب الفتاة نارًا تحت الرماد لا تحتمل هبة هواء بسيطة لتشتعل.

والتخلص من هذه الوساوس يكون بإيمان العروس بالقاعدة التي اختارت بها زوجها المقبل، هل كان اختيارها لأسباب منطقية من توافق واقتناع؟ هل تعرفا على بعضيهما خلال الخطبة بما يكفي لدحض شكوكها؟ هل لديها دوافع لشكوكها هذه؟ وإذا وجدت أنها لا تستند على سبب عقلاني يجب أن تحاول وضعها جانبًا فورًا.

لكن على الجانب الآخر لو كان ما تخافه له دلالات أو مواقف معينة مع خطيبها أثارت هذه المشاعر في نفسها، يكون الحل بمصارحته فورًا بها، ليقوم بتوضيح موقفه أو يحاول تغيير سلوك معين غير مريح لها.

الحياة الزوجية في النهاية رحلة يقوم بها شخصان معًا، وقد يكون الطريق وعرًا في العديد من المراحل ويحتاج إلى اتّكاء كل زوج على الآخر ليستطيعا الاكتمال، والثقة هي أحد أهم النقاط التي يقوم عليها زواج قوي.

ومرحلة ما قبل البداية تكون دائمًا هي الأكثر توترًا وإثارة للترقب، فالمجهول دومًا مخيف، لكن في الحقيقة هو ليس مجهولاً بالكامل، فالخطوبة والإعداد للزواج كلها مراحل تستطيع أن تبين لكل طرف العديد من الخفايا عن الجانب الآخر، وتقلل من وساوس ما قبل الزواج إلى الحد الأدنى.
لينك المقال الاصلي: اضغط هنا 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق