كريستوفر نولان وإعادة بناء الفيلم نوار في هوليوود



بيتر لابوزا

"النص مترجم من بحث باللغة الإنجليزية"


في افتتاحية فيلم The Killers الكلاسيكي لروبرت سيودماك (1946)، يحدق الشاب الساذج نيك آدامز (فيل براون) بحيرة في أولي "سويدي" أندرسون (بيرت لانكستر) وهو يحذره من قدوم الرجلين لقتله. السويدي يرقد في الظلال، مستلقيًا، كما لو مستعدًا لدخول نعشه. احتجاجًا على توسلات نيك، يتمتم "لقد فعلت شيئًا خاطئًا ... مرة واحدة" كتفسير. هذا السطر من الحوار هو الأفضل في وصف القدرية التي نجدها غالبًا في الفيلم نوار؟ بطلنا يقبل ذنبه ومصيره الذي لا مفر منه. كما وصف ريموند بورد وإتيان شوميتون في نصهما، فإن بطل الفيلم "غالبًا ما يكون من النوع المازوخي، الذي يجلد ذاته بشكل مرضي".

القدرية في الفيلم نوار نقطة مفصلية مثيرة للاهتمام في نقاشي الخاص بأفلام كريستوفر نولان وبالتحديد إعادة تخيله لجوانب معينة من الفيلم نوار قد شكلت مسيرته المهنية. برز نولان في مطلع الألفية كمخرج مستقل شهير ويمكن القول إنه الآن أقوى مخرج في هوليوود، باعتبار شباك التذاكر وكذلك من الناحية النقدية. بصفته كاتب سيناريو ومخرجًا يتمتع بتحكم إبداعي كبير، قدم نولان في هوليوود العديد من الأنواع السينمائية منها الفانتازيا في فيلم The Prestige 2006، والخيال العلمي في فيلم Inception 2010، وبالطبع الأبطال الخارقين في ثلاثية"Dark Knight". ولكن تحت هذه الأنواع يبزغ دومًا نوع إضافي له تأثير موضوعي عميق وهو الفيلم نوار.

هذا أمر رائع وإشكالي على حد سواء بالنظر إلى تاريخ الفيلم نوار كنوع مشتق. أظهر مخرجون كبار آخرون في هوليوود تأثرهم هذا في أعمال شعبوية مثل أفلام جورج لوكاس وبعض أفلام ستيفن سبيلبرغ وكتابات جي جي بالارد على سبيل المثال.

 لطالما قدم الفيلم نوار شيئًا أكثر قتامة ومقلقًا، وليس هذا الشكل المعتاد من النوع الذي يجذب جماهير كبيرة. ومع ذلك، نولان لا يصنع النوار فقط  إنه يكسب مليار دولار كذلك!

 ساعدت إعادة صياغة نولان في تحويل النوار إلى سلعة أكثر قابلية للهضم للجماهير السائدة بينما يظهر على سطحه داخل التيار الهوليودي السائد. إن رؤيته الجديدة للنوار  والتي تؤكد بشكل ملحوظ على وجهة نظر ذاتية ومعادية للقدرية، حولت هذا النوع إلى عنصر أساسي مهم في صناعة أفلام هوليود. من المؤكد أن نولان ليس أول مخرج يقدم النيو نوار كما رأينا في فيلم Chinatown 1974 أو في فيلم حمل أكثر من نوع مثل Blade Runner 1982. 

ظهر الـ Noir في عدد من النجاحات التجارية العظيمة في الثمانينيات. يمكننا أن نفكر بشكل خاص في أعمال مايكل مان Thief 1982 و Manhunter 1986، ومسلسله التلفزيوني Miami Vice 1984-90، بالإضافة إلى أفلام أخرى مثل Body Heat إخراج لورانس كاسدان (1980) وفيلم إيرفين كيرشنر The Eyes of Laura Mars 1979. 

لكن في العقد الماضي، كانت أفلام نولان فقط هي التي تمت مكافأتها بنجاحات مالية كبيرة: حقق الفيلم المستقل Memento 2000  خمسة وعشرون مليون دولار، بينما حقق فيلم The Dark Knight 2008 أكثر من مليار دولار دوليًا وحقق فيلم Inception   أكثر من 825 مليون دولار. 

في هذه الأثناء، بقيت أفلام مثل Kiss Kiss Bang Bang 2005 و Sin City 2005 وحتى فيلم انطوني مان New Vice Miami 2006 في الذاكرة كأفلام نيو نوار بفضل معجبيهم المتحمسين ولكن ليس بفضل شباك التذاكر المحبط.

فيلمان نولان المستقلان في بدايته - Following 1998 و Memento - ينتميان بصورة كبيرة إلى الـ noir كتفكيك لهذا النوع. تم تصوير الفيلم الأول على فيلم 16 ملم، مع استخدام الفلاش باك والسرد من وجهة نظر شخصية غير مسماه يتم استدراجها إلى حياة الجريمة بدون ضغط من الظروف ولكن بسبب الرغبة في متابعة رجل مشوق يدعى كوب (أليكس هاو). في النهاية، تم الكشف عن أن كوب كان يتلاعب به، في اللقطة النهائية للفيلم، ظهر كوب وسط الجمهور قبل أن يختفي، مما يوحي بأنه قد يكون جزءًا من خيال البطل. يصبح هذا التكنيك ضروريًا في كيفية قيام نولان بإضفاء الطابع التجاري على الفيلم نوار حيث ينظر أبطاله دائمًا إلى أنفسهم بشكل ذاتي على أنهم أبطال رواياتهم بدلاً من مواجهة الحقيقة بموضوعية.

ليس من قبيل المصادفة أن ليونارد شيلبي، بطل فيلم Memento، هو محقق تأمين. ظهرت نفس المهنة في كل من The Killers للمخرج Siodmak وكذلك في فيلم بيلي وايلدر Double Indemnity إنتاج 1944، في Memento، نشاهد الفيلم في تسلسل متبادل يتجه نحو "منتصف" السرد، حيث تتجه نهاية النصف الأول إلى بداية النصف الثاني، كما هو ملاحظ من خلال تحول الإطار من الأسود والأبيض إلى الألوان، كما لو أن ماضي الفيلم نوار يتحول أخيرًا إلى النيو نوار.

في أفلام النوار، هناك دائمًا حقيقة غير معروفة، شيء يجب على بطل الرواية المخاطرة بكل شيء لاكتشافه.  لكن هذا ليس هو الحال مع ليونارد. مشكلته هي أن الطريقة الوحيدة للتأكد من الحقيقة لو كانت موشومة على جسده. يفقد ليونارد ذاكرته كل عشر دقائق، وبالتالي تصبح الحقيقة البسيطة غير معروفة. يمكن للفتاة القاتلة أن تظهر جانبها القاسي والشرير دقيقة واحدة، ثم تعود إلى الضحية البريئة بعد دقائق، بينما لن يعرف ليونارد الفرق أبدًا. من الواضح أن نولان هنا يتلاعب بفكرة بالماضي المذنب للشخصيات، كشف تيدي غاميل (جو بانتوليانو) لليونارد أنه ربما يكون مسؤولاً عن وفاة زوجته. ومن هنا يغير ليونارد مصيره مرة أخرى عن طريق حرق الصور ويقرر جعل هدفه تيدي. وهكذا يقوم ليونارد بقمع أي شعور بالذنب لديه - من النوع الذي سيقوده إلى نفس المسار الذي سلكه سويدي بيرت لانكستر في The Killers - ليتلاشى جنبًا إلى جنب مع ذاكرته، لذلك في هذا العالم "الملون" الجديد، يمكنه الاستمرار في كونه البطل، شيء لا يفكر فيه ليونارد فقط، إنه يعرفه لأنه يقدم لنفسه حقيقة من الأوشام والصور التي تؤكد ذلك.

قالت إيرين هيل باركس:

من خلال البناء المتعمد لنهايات غامضة، ينقل نولان سلطته إلى المشاهد الفردي، يشجع نولان الجمهور، على مستوى ما، في المشاركة بالصراع من أجل اختيار وإضفاء المعنى على أفلامه.

نولان يقوم بإعادة بناء الهوية كتقدم ضروري لتطور شخصياته. بدلاً من الاستسلام لمصيرهم كأبطال فيلم نوار، يخرجون منتصرين من خلال بناء هويات جديدة تنكر العالم الموضوعي.

بينما يقدم كل من Following و Memento بشكل واضح الفيلم نوار، فأن نولان يعيد بناء النوع مع عناصر صديقة للجمهور. حيث يحتفظ بعض سماته ولكن في ذات الوقت يغير البعض الآخر.

بأخذ سلسلة شاهدناها من قبل ذلك ممتزجة بالرعب القوطي على يد تيم بيرتون، يقدم  نولان عام Batman Begins 2005 شكل جديد لمدينة جوثام. حيث بدأ بهيكل الفلاش باك، حيث قدم جوثام  التي تحتوي على كل من المجرمين ورجال الشرطة القذرين والجشعين بصورة متساوية بلا تفرقة بين المجرمين والعدالة.

من الناحية النفسية، يرفض بروس واين (كريستيان بيل) خوفه من أنه ربما يكون مسؤولاً عن غير قصد في وفاة والديه، وبدلاً مواجهة هذا الخوف يوجه جهوده في مواجهة رعبه من الخفافيش. إنه يسيء استخدام قوة وثروة شركة والده ليصبح مقاتلًا، بينما تنتقده راشيل داوز (كاتي هولمز)، صديقة الطفولة المقربة، لعدم مساهمته في مساعدة المدينة باعتباره الملياردير بروس واين.

بنفس الطريقة التي يبدل فيها بها بروس مشاعر الذنب تجاه الديه بخوفه من الخفافيش، يتجنب باتمان المشاكل الحقيقية لمدينته بعمله  كبطل خارق. مثل أعظم أبطال الفيلم نوار، فإن Bruce Wayne ليس مدفوعًا بالبطولة ولكن بالذنب، سواء أدرك ذلك أم لا.

هذا التعقيد النفسي الذي كتبه كل من ديفيد إس جوير وجوناثان نولان (شقيق كريستوفر) في سيناريو الفيلم هو بالتأكيد جزء من الانجذاب العميق لما يجعل نولان مخرجًا ينتمي إلى النوار. بدلاً من التمسك بأصوله من الكوميكس، يأخذ نولان أسطورة باتمان على أنها تحقيق جاد في جذور الخوف. تربط اهتماماته كمخرج هنا ما هو نفسي بالعالم المادي، حيث يجب على بروس هزيمة الخارج لإنقاذ روحه الداخلية. 

لكن في النهاية، لا توجد خطايا يجب أن يدفع باتمان ثمنها. يتم نبذ أفعاله من قبل رجال الشرطة ولكن يتم الإشادة بها من قبل الجمهور (والأهم من ذلك أن الجمهور العادي يدفع مقابل مقابلته). يعطينا نولان نهاية تلعب في نفس الوقت في البنية المركزية للنوار ولكنها تلبي أيضًا توقعاتنا لسينما هوليوود التجارية.

يكمل The Dark Knight على هذا النهج للنوار من خلال تعزيز بعض الاستعارات مع التخلص من أهميتها النصية. على الرغم من كونه تكملة مباشرة ويضم العديد من الشخصيات من الفيلم الأصلي، قام نولان بتغيير لوحة ألوان فيلمه بشكل جذري ليعكس فيلم مايكل مان Heat  1995. تدور أحداث الفيلم في مدينة جوثام بالاسم فقط، حيث يؤكد نولان على الأيقونات المعمارية لشيكاغو، المدينة المعروفة بتاريخها من الفساد. علاوة على ذلك، ينتقل سرد الفيلم من التركيز على بروس واين (كريستيان بايل) إلى هارفي دينت (آرون إيكهارت)، وهي شخصية ليست بعيدة جدًا عن المحققين في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي مثل فيلم جلين فورد The Big Heat (1953. في دنت، نرى حرفيًا آلام محاربة الجريمة كما تتجلى على الندوب التي تغطي وجهه.

ومع ذلك، لا يزال بروس واين يعتبر بطلاً.  وعلى الرغم من كل أفعاله الفيلم لم يخطئ واين أبدًا من وجهة نظر الجمهور، وبدلاً من ذلك يصبح ضروريًا لهزيمة جوكر (هيث ليدجر). مناجاة باتمان قرب نهاية الفيلم، "أحيانًا لا تكون الحقيقة جيدة بما فيه الكفاية، وأحيانًا يستحق الناس المزيد. في بعض الأحيان يستحق الناس أن يكافأ إيمانهم ".

ما يجعل تكييف نولان للنوار أمرًا رائعًا ومثيرًا للقلق هو أنه على استعداد لتناول هذه الموضوعات والأفكار الرئيسية - فساد المدينة، والندوب الجسدية، والجريمة السريالية التي لا يمكن تفسيرها تقريبًا - ولكنه يتخلص من أهميتها الاجتماعية ويستبدلها بالسرد ويحظى برضا الجمهور. قد يكون خطاب باتمان مجرد خطاب لمفوض الشرطة جيم جوردون (غاري أولدمان)، ولكن نولان يخبر جمهوره أنه يكافئ أولئك الذين يغضون الطرف.

فيلم The Dark Knight Rises 2012 أكثر تعقيدًا في إعادة تقديمه للفيلم نوار، يعود بروس واين (كريستيان بيل) بعد ثماني سنوات من الألم الجسدي والعقلي لمحاربة Bane (توم هاردي)، وهو شخصية مقنعة تريد تدمير روح باتمان (شخصية تشير قوتها الهائلة إلى الشخصيات الشبيهة بالإله). 

يعيد فيلم نولان تأطير الأحداث السياسية مرة أخرى (هنا الأزمة المالية ) على غرار استخدام سام فولر للشيوعية في Pick Up On South Street 1953 ولكن من المحتمل أن يكون The Dark Knight Rises هو الأقل اهتمامًا بالواقعية الاجتماعية أو علم النفس التعبيري كما في الأفلام السابقة. ومرة أخرى، يهيئنا نولان لبطل يجب أن يدفع ثمن ماضيه، والذهاب إلى أبعد من ذلك لإرساله إلى محرقة نووية، فقط لإنقاذ بطله وإعادة تأطيره في اللحظة الأخيرة.

ذروة مسيرة نولان المهنية، فيلم الخيال العلمي Inception الذي بلغت تكلفته 200 مليون دولار، ويظهر بالتأكيد محاولاته الأكثر وعيًا لتقديم الفيلم نوار. 

استخدم نولان في الفيلم بعض الاستعارات الرئيسية، لا تتمثل مهمة كوب في سرقة شيء ما بل وضع شيء ما داخل قبو. بالإضافة إلى ذلك، فإن الجزء المهم من السرد يحدث داخل المستوى النفسي، حيث يمكن للمخاوف الوجودية أن تظهر في شكل تهديدات جسدية (أساس فيلم نوار). التهديد المركزي، وربما الشخصية الفريدة التي وضعها نولان على الشاشة، هي مال، زوجة كوب (ماريون كوتيار) الميتة.

يشعر كوب بالذنب حيث يعتقد إنه قاد زوجته إلى الانتحار، وبأنه مسؤول عن الأمر بدرجة كافية بحيث تصبح شخصية خطيرة وخبيثة كلما دخل إلى مشهد الأحلام. لقد أصبحت حرفياً الأنثى القاتلة أو الفيم فيتال بلغة الفيلم نوار.

وبينما سيعترف كوب بما فعله بنهاية الفيلم، فإنه، مثل جميع أبطال نولان الآخرين، يختار واقعًا شخصيًا، يظل فيه بطلاً بدلاً من مواجهة حقيقة وجوده. هذه اللقطة الأخيرة من فيلم Inception ليست حول ما إذا كان الطوطم يسقط ولكن حقيقة أن كوب اختار تجاهله فقد قرر، مثل اختيار ليونارد تغيير واقعه، أو واين عندما كذب على جوثام، ليكون بطلاً في عالمه الذاتي حيث يظل الأب الصالح والمحتال العبقري أكثر من كونه الزوج السيئ ومحاصرًا في كوابيسه.

قدم نولان النهاية لنا في لوحة مليئة بالأمل مضاءة بنور الشمس، ولا تسمح لجمهوره أبدًا بالتساؤل عما إذا كان كوب قد "دفع" بالفعل ثمن خطاياه، فقط ما إذا كان واقعه الجديد حقيقة بالفعل.

The Prestige هو فيلم نولان الوحيد الذي يواجه أسئلة وجودية مخيفة . الفيلم يتبع اثنين من السحرة المتنافسين، أنجير (هيو جاكمان) وبوردن (كريستيان بيل)، الذين قضوا الفيلم لاكتشاف أسرار بعضهم البعض. هيكل The Prestige هو الأكثر فضولًا على الإطلاق في كيفية تعامل Nolan مع فكرة الراوي غير الموثوق به في الفيلم noir. تمت كتابة الرواية الأصلية لكريستوفر بريست في سلسلة من المذكرات. يأخذ نولان هذه الفكرة ويظهر سرقة كل من أنجير وبوردن ثم يقرآن مذكرات بعضهما البعض في أجزاء من السرد، مما يقودنا إلى ذكريات الماضي المعقدة. ومع ذلك، في نهاية كل منها، يكشف الكاتب للقارئ أنه قد تم إعطاؤه المذكرات عن قصد وخداع لقراءتها. هذا يعني أن مجمل السرد ليس ذاتيًا فحسب، بل قدمه أيضًا راوي بنية الخداع.

لكن ما يعقد The Prestige أكثر من بحثه عن الحقيقة هو مقاربته اللونية والأخلاقية لسرده. بينما نتعاطف مع ـ Cobb و Leonard و Bruce Wayne، نظل قلقين وخائفين حقًا من هذين الساحرين. عندما تم الكشف أخيرًا - حافظ أنجير على وهمه بقتل نفسه كل ليلة، وعاش بوردن حياته كلها كتوأم يتبادل مكانه مع زوجته وابنته، وهذا سر يرغب في الحفاظ عليه حتى وفاته -إنه أمر مقلق ومن المروع أن نفكر فيه. هؤلاء السحرة يكذبون على أنفسهم وعلى جمهورهم حول أسلوبهم من أجل الحفاظ على سر براعتهم، ليظلوا أبطالًا. يفترض كيم نيومان: "شخصياتهم هي الوحوش التي يأتي خلاصها الوحيد في الكشف عن أن كل واحد على استعداد لإلحاق ضرر جسيم بنفسه لتحقيق الوهم الذي يحتاجه لفعله".

من نواحٍ عديدة، يعد فيلم The Prestige أكثر أفلام نولان وعيًا بذاته حول التمثيل أو الأداء، سواء كان سحرًا أم سينمائيًا، كما يخبرنا مايكل كين في تعليقه الصوتي الختامي حول بنية العمل السحري. يشرح سطره الأخير علاقة الجمهور بفناني الأداء: "أنت لا تبحث حقًا عن السر. أنت لا تريد أن تجربه. تريد أن تنخدع." قد يوفر لنا هذا البيان دليلًا على كيفية التعامل مع علاقتنا بأبطال نولان الغامضين - نحن لا نعرف، وأكثر من ذلك، نفضل ألا نعرف. The Prestige هو الفيلم الوحيد الذي يظهر لنا الدمار الكامل لما سيفعله بعض الناس للحفاظ على الوهم، مع الحفاظ على نهاية غامضة أخلاقياً. هذا أمر مثير للدهشة، في ضوء حقيقة أن أفلام نولان الأخرى تخجل من مثل هذا التعقيد. وبدلاً من تكريمه بجماليات بصرية تعزز وجهة نظره الذاتية، فإنه يفعل العكس بدلاً من ذلك، تاركًا الجمهور في حالة من الفوضى الأخلاقية.

عندما نلتقي السويدي بيرت لانكستر في The Killers، فإنه يعترف بحقيقة أنه يجب أن يموت من أجل أفعاله. لقد فعل شيئًا خاطئًا، وتم تحديد مصيره. لكن هذا ليس ما نراه في نوار نولان. أبطال روايته يهربون من مصيرهم عن طريق تغيير شخصيتهم. إنهم يرون أنفسهم كأبطال، في حين أنهم ربما يكونون مجرد مرضى نفسيين إن تأثير نولان على هوليوود واضح بالفعل، مع عدد من السلاسل السينمائية الكبرى التي تحاكي ازدواجية النوار وهوليوود، بما في ذلك الأفلام الأخيرة في سلسلة جيمس بوند وهاري بوتر. مع نولان، نشهد ظهور شكل أكثر أمانًا من النوار: أقل تسييسًا، وأقل وعيًا بالذات، وأقل تخريبية. مع نجاح ضخم في شباك التذاكر، يستطيع نولان صناعة الأفلام بالطريقة التي يريدها تقريبًا الآن، ولكن هل بهذه الطريقة يقدم فقط خلطة هوليوود العادية؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق