أنقاذ السيدة ترافيرز



كنت أشاهد فيلم Saving Mr. Banks  وأنا متوقعة ساعتين من البهجة المتواصلة .. توم هانكس يؤدى والت ديزنى .. ماذا أريد أكثر من ذلك ؟
أحب أن أصدمكم لقد كان من أكثر الأفلام التى بكيت أُثنائها فى حياتى .. ليس لأن الفيلم كئيب لكنه لأنه يتناول مشاعر فى غاية الحساسية والرقة ..
فى البداية نرى كاتبة قصة مارى بوبنز المربية المشهورة وهى ترفض أن تعطى حقوق ملكية القصة لوالت ديزنى حتى يحولها إلى فيلم ليفى بوعده لبناته وتضع العراقيل تلو العراقيل أمام المشروع ..
الفيلم يسير فى خطين متوازيين بين ماضى البطلة الطفلة هيلين و حاضرها مسز ترافيرز كما تصر على الكل أن يناديها ، ونرى هنا التناقض الشديد بين الماضى والحاضر .. فالطفلة هيلين طفلة تتمتع بالخيال الواسع وتتخيل نفسها مرة أميرة ومرة دجاجة تعيش فى عالم الأحلام مع والدها و مسز ترافيرز أمرأة منغلقه متعصبة تشعر طول الوقت أنها داخل قوقعة السلحفاة ..
ونبدأ خطوة خطوة مع كل مشهد فى معرفة اللغز وراء هذا التغيير الجذرى ووراء قصة مارى بوبنز التى ترفض التخلى عنها لتصبح واقع على الشاشة ..
مع الوقت يتضح لنا حقيقة الأب مدمن الخمر الذى لايستطيع التعامل مع الواقع ويطرد من العمل تلو العمل و يذهب من بلدة إلى بلدة مصطحباً عائلته الصغيرة .. وفى مشهد يجمع بين الماضى والحاضر أثناء الأعداد للفيلم نرى توحد مستر بانكس بطل فيلم مارى بوبنز الأب لطفلين وبين والد السيدة ترافيرز .. فهى ترفض القسوة عليه وأنتقاد أفعاله كما لو أن الأنتقاد موجهه لأبيها .. ويظهر هذا العبء الهائل الذى حملته الطفلة هيلين بين أب فاشل تعشقه وترى فيه بطلها الدائم وأم حائرة مكتئبة بسبب زوجها وتهرب لتحاول الأنتحار ..
هذا العبء هو الذى حول الطفلة الحالمة للمرأة ذات الدرع الواقى التى ترفض أن ترى أو تتعامل مع أى مظهر من مظاهر الطفولة كما لو أنها تذكرها بطفولتها التى دفنتها بداخلها ..
من أكثر المشاهد التى أبكتنى حين كان كاتبوا الفيلم ألفوا المشهد الأخير من الفيلم التى يصالح الأب فيه أطفاله ويذهب ليطير معهم طائرتهم الورقية وهو مشهد غنائى مرح فتخرج السيدة ترافيرز لأول مرة من وراء قناعها لتظهر الطفلة السعيدة بوالدها الذى لا يرفض قصيدتها التى كتبتها له و ترقص مع باقى طاقم العمل على أنغام الموسيقى كما لو أنها تنفض عنها غبار الهموم التى حملتها قبل الأوان ..
وفى مشهد حزين نرى وفاة الأب بعد حضور الخالة التى تأتى بهدف أصلاح كل شئ وهى فى الحقيقة مصدر الألهام لمارى بوبنز ، والمواجهة بين الخالة والطفلة الحزينة التى كانت تعتقد أنها بوسعها إصلاح كل شئ حتى والدها ..
ثم المشهد التى تتحرر فيه مسز ترافيرز التى غيرت اسمها من هيلين غروف إلى باميلا ترافيرز لتحمل أسم والدها الأول .. فى هذا المشهد يأتى والت ديزنى إلى لندن ليحكى لها عن طفولته التعيسة ووالده الذى كان يحمله فوق طاقته من العمل فى البرد القارس ورفضه أن يظل أسير لهذا التاريخ الحزين ويدعوها للتحرر أيضاً بأطلاق مارى بوبنز من خيالها لتصبح واقع ..
وفى المشهد الأخير نرى بكاء مسز ترافيرز التى تتحول إلى هيلين وهى ترى والدها وهو يبعث للحياة على شاشة السينما لتتصالح مع نفسها ومع أبيها فى النهاية ..
فيلم ملئ بمشاعر الأبوة والبنوة والأحلام التى لاتموت ..
للمقال الاصلي: اضغط هنا 

كشف حساب ..

بمناسبة عيد ميلادى الذى أقترب أكثر من اللازم من الثلاثين المرعبة دار بينى وبين نفسى حوار قد يهم كثير من فتيات جيلى ..
إلى ماذا وصلتى ؟ هل حققتى أحلامك التى حلمتى بها حين كنت فى العشرين ؟
ففى سن العشرين نكون على عتبة الحياة نحلم الكثير من الأحلام ونشعر أن كلها فى متناولنا وبعد عشر سنوات وحين يأتى وقت كشف الحساب نصاب بالأحباط ..
ولكن وهذا مافكرت به بالأمس أن الأهم من أكون حققت كل حلم حلمت به فى العشرينات أن أكون سعيدة فى الثلاثينات ..
فمن الممكن أن أكون حققت كل ماأحلم به وفى النهاية أجد نفسى غير سعيدة وراضية عما وصلت إليه .. فأنا أختلفت خلال تلك السنوات وأختلفت أولوياتى ..
أعترف أنى ربة منزل لا أعمل حالياً .. إن جئتنى من عشر سنوات وقلت لى هذا لكنت ذهلت من هذة النتيجة .. فأنا التى أخترت كلية بعيدة كل البعد عن ميولى فقط لأنها أسهل فى إيجاد عمل و أضعت عامين إضافيين فى دراسات عليا لم أستفد منها شيئاً فقط لأسهل إيجادى الوظيفة ها أنا بلا عمل !!!
طبعا نتيجة مثيرة للأحباط .. لكن سألت نفس سؤال هل لو كنت أعمل حالياً سأكون أسعد ؟
أغمضت عينى وتخيلت .. حياتى وأنا أستيقظ من نومى مبكراً لأضع ابنتى فى حضانة وأنا اتمنى ألا أتاخر فى العمل كثيراً عليها .. قلبى ينقبض وأنا أوقظها من النوم قبل موعدها بساعات وأتركها لساعات طويلة فى رعاية أغراب عنها مهما تفانوا فى رعايتها من المؤكد أنها لن تكون مثل رعايتى أنا .. ثم ذهابى إلى عمل ما أن أتممت تلاث شهور به حتى اتقنته وصار بالنسبة لى روتين الروتين لا يوجد فيه أى إبداع (أنا هنا أتكلم من سابق خبرتى فى العمل لسنوات قبل الزواج) ثم أنتهى من عملى إلى المنزل وابدأ فى واجباتى من طبخ وتنظيف ورعاية ابنتى لما تبقى من اليوم ..
طبعا أنا لست ضد عمل المرأه قبل الزواج لكن رحم الله امرؤ عرف قدر نفسه .. أنا أتكلم هنا عن حياتى أنا التى قد تتشابه أو تختلف عن حياة القارئة ..
نرجع إلى المشهد السابق .. هل أنا فى هذه الحالة سعيدة ؟  هل نظرتى لنفسى سوف تكون أكثر أحتراماً ؟
أكتشفت أنى أحمل نفسى دوماً أعباء أضافية بسبب وجهة نظرى الضيقة ..
أثناء عملى فى السابق كانت امنيتى الوحيدة أن أجد بضع ساعات لنفسى أقضيها فى القراءه ، الكتابة ، مشاهدة فيلم أحبه أى عمل اخر يضفى عليها السعادة .. وحين توفر لدى بعض الوقت لفعل كل هذه الأشياء أخذت ألوم نفسى لأنى لا أعمل !!
أكتشفت أنى فى الوقت الحالى سعيدة بحياتى كما هى ولا داعى للشعور الدائم بالذنب لأن حياتى لا تتوافق مع أحلامى السابقه ..
يتكرر الذى حدث مع موضوع العمل فى عدة مواضيع أخرى لا داعى لتفصيلها كلها .. لكن أدعوكى صديقتى القارئة لتترفقى بنفسك قبل أن تحكمى على نفسك بالفشل أو تصابى بالأحباط .. فليس معنى أنك لم تحققى ما حلمتى به من عشرسنوات  أو تخيلتيه أنك ضللتى طريقك نحو المستقبل ..
وإلى لقاء بعد عشر سنوات فى كشف حساب أخر ..
لينك المقال الاصلي: اضغط هنا